محمد كاميش
ثمة مخاوف من حدوث تفجير محتمل في حافلات المتروبوس أو مراكز التسوق أو تحت أحد الجسور أو أي مجمع ضخم بمدينة إسطنبول.
الآباء والأمهات دائما ينصحون أبناءهم بعدم ركوب المتروبوس. وإن عصابات المافيا تقتل الناس وسط الطرقات العامة في وضح النهار. كما يقدم الوطن المزيد من الشهداء في كل مدنه وبشكل يومي. منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية تفجر مخفرا للشرطة من خلال جرار محمَّل بطنين من المتفجرات، لكن الحكومة المخلوعة تقتحم مدارس الأطفال من خلال قوات الشرطة المجهزة بالعتاد والسلاح.
أجل فما سمعتموه ليس خطأً. فهذا المشهد المضحك المبكي لا يمكن رؤيته في أكثر الأفلام الكوميدية إضحاكا. حيث إن قوات الشرطة تقتحم مدارس الأطفال الصغار في الوقت الذي يصل فيه الإرهاب والتوتر والقتل إلى أعلى مستوياتها. ولا يمكنكم تفسير هذا الاقتحام بالعقل أو الضمير، أو حتى بالحقد والاشمئزاز. فمن كان له نصيب كمثقال ذرة من الإنسانية لا يمارس حقده واشمئزازه على الأطفال. إذ لا يمكن توجيه السلاح على أطفال الأعداء. فذلك يعد ضربا من الجنون. ولا يمكن تفسير ذلك إلا بفقدان العقل والضمير والأخلاق بشكل كامل.
فاقتحام مدرسة الأطفال ضرب من الجنون. حيث إن التنظيمات الإرهابية تغتال رجال الشرطة والجيش يوميا في كل أنحاء البلاد، كما جرى في بلدة بوزانتي التابعة لمدينة أضنة (جنوب)؛ بالتزامن مع استنزاف الحكومة لطاقة الشرطة من خلال توجيهها لاقتحام مدارس الأطفال ومعاهد دروس التقوية والمساكن الطلابية. فقوات الشرطة المجهزة بالسلاح والعتاد تقتحم المدارس التي أثبتت جدارتها وخرّجت أبرز الطلاب داخل تركيا وخارجها، في الوقت الذي يحظى تنظيم داعش بحماية ودعم من جهات معينة. كما أن محافظ كوتاهيا بادر لإغلاق جامع يستخدم منذ 40 سنة. ولم تقم دولة بمثل هذا الإجراء حتى في عصور أكثر الحكام استبدادا، لكن حدث هذا في ظل حكومة العدالة والتنمية، وفي إحدى أكثر المدن التركية تدينا. فهم لم يروا أي بأس في القيام بمثل هذا الإجراء التعسفي المشين الذي سيتذكرهم الناس مقترنا بهذه الإجراءات سنين عديدة منذ اليوم.
وليس من العقلانية أن تعلَن حرب بشكل مفاجئ على تنظيم إرهابي ظلَّ يلقى الدعم من الحكومة طوال سنتين ونصف السنة. إذ إن الحكومة التي فقدت صلاحيتها إثر انتخابات 7 يونيو/ حزيران الماضي تقود البلاد نحو الهاوية. حيث جعلوا المدن الكبرى هدفا للتنظيمات الإرهابية كداعش والعمال الكردستاني، في مرحلة انهار فيها الجهاز المناعي للمدن بشكل كامل لتُترك تلك المدن بدون حماية.
ولم ينعكس جنون الحكومة على هذا المشهد فقط. بل انعكس على القرار الذي أصدرته مؤخرا لتأجيل عملية تحسين آلية العمل في استخراج المعادن. حيث أجَّلت الحكومة المنهارة والمخلوعة العمل وفق شروط “نظام الحماية والمعايير المطابقة للمواصفات الأوروبية” إلى سنة 2020.
وقد جاء هذا القرار في وقت لم تندمل فيه الجراح الناجمة عن مقتل 302 من عمال منجم سوما، وعن مقتل العمال الذين لقوا حتفهم في منجم أرمينيك، وذلك بسبب عملهم في مناجم في ظل ظروف بدائية. فهذا القرار من شأنه فتح مناجم تم إغلاقها بسبب عدم مطابقتها للمواصفات المطلوبة. أي أن هذا القرار لا يرمي إلا إلى تقديم المزيد من الضحايا كما حدث في سوما وأرمينيك.
وهكذا تتوالى أسوأ الأعمال وأردأها وأبعدها عن الإنسانية في ظل هذه الحكومة، من خلال تصرفات المسؤولين الذين يتصرفون وكأنهم مجانين فقدوا عقولهم. ندعو الله أن يصون هذا الشعب من عواقب أسوأ مما نحن فيه.