إسطنبول (زمان عربي) – ارتأى مراقبون صينيون أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعاصمة الصينية بكين لم تتمخّض عن نتائج مرغوبة من قبل الطرف التركي.
وبحسب تقرير نشره موقع الجزيرة وحرّر نصوصه عزت شحرور، فإن قضية الإيغور خيمت على زيارة الرئيس التركي إلى بكين، حيث لم تخرج الزيارة بأي نتائج تذكر بالقضايا الاقتصادية والتجارية وصفقات السلاح بين الطرفين، مما دفع خبيراً صينيا للقول إن “انتقادات تركيا لقضية الإيغور لم تنفع بالماضي ولن تنفع بالحاضر والمستقبل”.
ويرى مراقبون صينيون أنه بعيدا عن التصريحات الدبلوماسية، فإن زيارة الرئيس أردوغان إلى بكين لم تحقق كافة أهدافها وأن نتائجها أقل بكثير مما كان متوقعا، إذ لم تتمخض عن التوقيع على أي اتفاقية تجارية أو اقتصادية مهمة، وذلك على الرغم من وجود وفد كبير يزيد تعداده عن مئة من كبار رجال الأعمال الأتراك رافقوا أردوغان بزيارته.
وأضاف التقرير: “جاءت الزيارة -التي استمرت يومين واختتمت أمس الأربعاء- في وقت حساس تمر به العلاقات بين البلدين، فقد أعقبت سلسلة مظاهرات تركية غاضبة أحرقت فيها الأعلام الصينية وطالبت بمقاطعة البضائع الصينية، احتجاجا على الإجراءات الصينية القاسية في إقليم شينغيانغ شمال غربي الصين تجاه أقلية الإيغور المسلمة ذات الأصول التركية بحرمانها من حقوقها الدينية والثقافية، ومنعها من الصيام.”
إضافة إلى المصير المجهول الذي ما زال يحيط بأكثر من مئة لاجئ إيغوري كانوا قد نجحوا بالتسلل لتايلاند هربا من بطش السلطات الصينية، فإن بانكوك كانت قررت تسليمهم إلى السلطات الصينية متجاهلة النداءات الدولية والحقوقية وإعلان أنقرة استعدادها لاستقبالهم.
حق الصين
وقال الخبير في شؤون الإيغور جيانغ جياو يونغ للجزيرة نت إنه “لا يمكن نفي حقيقة وجود بعض الأخطاء والانتهاكات لحقوق الإنسان في إقليم شينغيانغ، لكنها أخطاء فردية وليست ممنهجة”.
وتابع أن “الانتقادات التركية للصين في هذا الإطار ليست جديدة، وكما أنها لم تؤد إلى نتائج في الماضي فإنها لن تؤدي إلى نتائج لا الآن ولا في المستقبل، وكان على الأتراك أن يعوا هذه الحقيقة”.
ويخلص إلى أنه “كما هو من حق تركيا ضرب القوى الانفصالية التي تهدد أمنها فإن للصين الحق نفسه أيضا”.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ أكد أثناء محادثاته مع ضيفه أن “الصين وتركيا تواجهان تحديات والتزامات مشتركة في ظل وضع دولي معقد ومتقلب، واقتصاد عالمي متعثر، ووضع أمني خطير في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، مما يفرض على الجانبين تعزيز الثقة المتبادلة بينهما”.
وعبر عن رغبته في تعزيز التعاون الأمني مع تركيا، وثمن موقف أردوغان وحكومته المعارض “لكافة أشكال الإرهاب، والمحاولات التي تتم على الأراضي التركية للإضرار بسيادة الصين ووحدة أراضيها”، في إشارة على ما يبدو إلى عناصر من أقلية الإيغور تتهمهم بكين بالتسلل عبر الأراضي التركية للالتحاق بصفوف تنظيم الدولة الإسلامية ومنظمات أخرى في سوريا والعراق.
بدوره، قال أردوغان إن “بلاده لن تسمح لأي كان باستخدام أراضيها للقيام بأعمال تلحق الضرر بمصالح الصين وأمنها الوطني، وإن حكومته تنظر دائما إلى علاقاتها مع الصين من ناحية إستراتيجية”.
تجارة وسلاح
يذكر أن الصين أصبحت ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا بعد ألمانيا بميزان تجاري وصل إلى 23 مليار دولار لكن كفته ترجح بنسبة كبيرة جدا لصالح الصين.
وكان الجانبان قد اتفقا قبل ثلاثة أعوام على رفع ميزان التبادل التجاري بينهما إلى خمسين مليار دولار خلال العام الحالي لكن ذلك الطموح ظل بعيد المنال.
وكذلك الأمر بالنسبة لإقامة منطقة تجارة حرة كان قد جرى الاتفاق على إنشائها لكنها لم تر النور بعد، وليس انتهاء بمد خط قطار سريع يربط بين مدينة أوروموتشي شمال غرب الصين ومدينة إسطنبول التركية كجزء من المبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني بإحياء الإرث الحضاري القديم المعروف بطريق الحرير بهدف تعزيز التعاون التجاري والثقافي واستجابت له تركيا وأولاه الجانبان أهمية قصوى.
ولم تتمكن الزيارة كذلك من إحراز أي تقدم لإتمام صفقة صواريخ بالستية صينية طويلة المدى تقدر قيمتها بنحو 3.4 مليارات دولار والتي بدأ الحديث عنها منذ عام 2013 ولا يزال مصيرها معلقا.
ويعزو مراقبون هذا التأخير إلى “عدم استطاعة أنقرة تبديد مخاوف وهواجس شركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو إلى أن تتمكن بكين من حسم أمرها وتلبية الطلب والرغبة التركية في الحصول على تقنية تصنيع الصواريخ أو إنتاجها بشكل مشترك”.