أنقرة (زمان عربي) – إن الموقف الذي تبديه، اليوم، حكومة حزب العدالة والتنمية وعلى رأسها رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية في إطار موضوع عملية السلام الداخلي مع الأكراد يتعارض تمامًا مع التصريحات السابقة.
غير أن التصريحات التي أدلى بها أردوغان ومسؤولو العدالة والتنمية الذين تحوّلوا بنسبة 180 درجة عقب نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من يونيو/ حزيران الماضي والتي أسفرت عن عدم انفراد الحزب بالحكم وتمكنه من الحصول على الأغلبية المطلقة بالبرلمان، بحق تنظيم حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان لا تزال محفوظة في الأذهان.
وجاءت أولى تصريحات أردوغان التي استهدفت عملية السلام الداخلي في مرحلة الانتخابات؛ إذ في الوقت الذي تم فيه الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والتنظيم في قصر دولمة باهتشه بإسطنبول، الذي تم إعلانه للرأي العام على الهواء مباشرة في 28 فبراير/ شباط 2015، صرّح أردوغان الذي كان مطلعاً على خطوات المفاوضات لحظة بلحظة في 22 مارس/ آذار قائلاً: “لا أرى أن هذا الاجتماع صحيحًا. فعندما نأتي إلى الحديث عن النص المكوّن من المواد العشرة المعلنة فلا نرى وجود دعوة للديمقراطية في تلك النص. لذا، فأي النقاط التي سأوافق عليها في هذا النص باسم الديمقراطية؟”.
وفي 28 أبريل/نيسان الماضي، قال أردوغان: “من الآن فصاعدًا مَن يقول إن هناك مشكلة كردية في تركيا فهو يدعو إلى التمييز. لم تكن هناك طاولة مفاوضات جلس عليها الطرفان للتفاوض خلال عملية السلام. لأن هذا يعني انهيار الدولة. فليس هناك طرف تتخذه الدولة مخاطباً للتفاوض، بل هناك دولة فقط وهي صاحبة القرار النهائي في هذه العملية”، على حد تعبيره.
ويشير الخبراء إلى أن تصريحات أردوغان الحادة تعبر عن أن رؤيته اجتياز حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الحد النسبي في البرلمان في استطلاعات الرأي المبدئيّة كان عاملا مؤثرًا للغاية.
وأعلن أردوغان، أمس، بصورة أن عملية السلام مع الأكراد انتهت بالفعل. إلا أن الخبراء يؤكدون أن السبب في إدلائه بهذه التصريحات هو رغبته في الانفراد بالحكم.
كما يرى المحللون السياسيون أن هذه التصريحات تهدف أيضًا إلى أن أردوغان يغمز من ناحية إلى أصوات الأتراك القوميين الذاهبة إلى حزب الحركة القومية، ويهدف من ناحية أخرى إلى إضعاف حزب الشعوب الديمقراطي والتفكير في حسابات الانفراد بالحكم عن طريق إبقاء الحزب تحت الحد النسبي.
أردوغان يقول إن مَن يلتقي العمال الكردستاني عديم الشرف وخائن لكنه يلتقيه.
من اللافت أن أردوغان الذي استغل موضوع عملية السلام مع الأكراد من أجل جمع الأصوات كما هو الحال في العديد من الموضوعات والمشكلات الأخرى اتخذ الحيطة في بعض الأوقات لتسوية المشكلة الكردية لأن ذلك كان في صالحه، إلا أنه قال في أوقات أخرى إنه لم تعد هناك مشكلة كردية.
وفيما يلي بعض التصريحات التي أدلى بها أردوغان في هذا الموضوع؛
قال أردوغان في 23 أغسطس/ آب 2010 “نحن لم نلتق بالعمال الكردستاني. ومَن يقول إننا التقينا به فهو عديم الشرف وسافل”.
وفي 19 سبتمبر/ أيلول 2011 قال أردوغان “نحن لم نلتق بتنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي. بل الدولة هي من التقت به؛ فما هي الدولة ومِن مَن تتخذ الإذن لعقد لقاءات؟”.
وفي 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2012؛ “أنا مَن أرسل الشخص الذي التقى بالعمال الكردستاني. فمن كانت لديه مشكلة في هذا الأمر فليخاطني أنا مباشرة”.
أما في 28 ديسمبر/ كانون الأول 2012 فقال أردوغان؛ “تجرى لقاءات مع إيمرالي (في إشارة إلى عبد الله أوجلان الذي يقضي عقوبة السجن هناك مدى الحياة) بواسطة جهاز المخابرات الوطني. علمًا بأن مثل هذه اللقاءات ستتواصل”.
وصرح أردوغان في 30 يناير/ كانون الثاني 2013 قائلا “وجهة نظر شعبي لعملية السلام مع إيمرالي إيجابية للغاية، وأرى ذلك في استطلاعات الرأي التي أجريتها مع الرأي العام”.
وتضاربت تصريحاته في الأول من فبراير/ شباط 2013 عندما قال “ثمة أربعة أبعاد لهذا التنظيم الإرهابي الانفصالي (العمال الكردستاني)؛ فهناك إيمرالي وجبال قنديل وأوروبا وامتداد البرلمان. وكلها تختلف عن بعضها الآخر. عندما نتحدث معهم فإيمرالي تقول إنها ستفعل ما تقوله. وإيمرالي تتخذ خطوات إلى نقطة من شانها تلبية توقعاتنا وتطلعاتنا، وهي إلقاء السلاح”.
أما في 26 فبراير 2013 فقال أردوغان “نحن نطرق كل الأبواب ونجرب كل الوسائل من أجل التوصل إلى حل وسلام. وإذا كان الحل يكمن في تجرع سم الشوكران، فأنا مستعد لتجرعه من أجل إنهاء الإرهاب في سبيل أن يعم السلام والطمأنينة البلاد”.