اسطنبول / بيروت 27 يوليو تموز (رويترز) – اتهم المقاتلون الأكراد في شمال سوريا الجيش التركي بقصف مواقعهم اليوم الاثنين مما يبرز الطريق المحفوف بالمخاطر الذي تسلكه تركيا بينما تخوض معارك متزامنة مع تنظيم الدولة الإسلامية في تركيا والمتمردين الأكراد في العراق.
وغيرت تركيا من موقفها بشكل مفاجئ هذا الأسبوع بعد أن احتفظت لوقت طويل بموقف متردد حيال التحالف الأمريكي ضد تنظيم الدولة الإسلامية وأقدمت على فتح قواعدها العسكرية الجوية للتحالف وشنت غارات بدورها على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وتستضيف تركيا اكثر من 1.8 مليون لاجئ سوري وتشن منذ وقت طويلة حملة من أجل اقامة “منطقة عازلة” في شمال سوريا لابعاد تنظيم الدولة الإسلامية والمسلحين الأكراد عن حدودها وتوفير ملاذ آمن للاجئين.
ولم يتم الاعلان عن ترتيبات رسمية بهذا الشأن مع واشنطن لكن مصادر صحفية نقلت عن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قوله اليوم الاثنين إن أنقرة وواشنطن تتفقان على الحاجة إلى توفير غطاء جوي للمعارضة السورية المعتدلة في قتالها ضد الدولة الإسلامية.
ونقلت صحيفة حريت عن أوغلو قوله لصحفيين أتراك “لسنا بصدد ارسال وحدات برية على الأرض ولن نرسل لذا فإن تلك القوات التي تعمل كقوات برية ستتعاون معنا اذا توفرت لها الحماية.”
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش يوم السبت إن “المناطق الآمنة ستتشكل بصورة طبيعية” مع تطهير قطاعات من شمال سوريا من متشددي الدولة الإسلامية.
وشنت المقاتلات التركية غارات لثاني ليلة على التوالي أمس الأحد استهدفت معسكرات للأكراد في العراق وذلك في اطار ما وصفه مسؤول كبير في الحكومة بمعركة “شاملة ضد كل التنظيمات الإرهابية”.
وأثار تجديد الحملة العسكرية على حزب العمال الكردستاني الذي يخوض منذ 30 عاما تمردا ضد الدولة التركية ينطلق جزئيا من معسكرات في شمال العراق شكوكا في أن هدف تركيا الحقيقي هو كبح جماح الطموحات الإقليمية للأكراد وليس قتال الدولة الإسلامية.
وتخشى تركيا أن تؤدي المكاسب التي حققتها وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا بمساعدة قصف جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى تشجيع النزعة الانفصالية بين الأكراد الأتراك وتقوية شوكة حزب العمال الكردستاني.
وسيعقد حلف شمال الأطلسي اجتماعا طارئا لمناقشة المسألة الأمنية غدا الثلاثاء بناء على طلب تركيا. ومن المتوقع أن تطلع أنقرة حلفاءها على الاجراءات التي تتخذها ولكن ليس من المتوقع أن تطلب أي مساعدة محددة.
وقال الامين العام لحلف الأطلسي ينس شتولتينبيرج لمحطة (بي.بي.سي) “تركيا لديها جيش قوي للغاية وقوات امن قوية جدا لذا فانه ليس هناك اي طلب بدعم عسكري اضافي من الحلف.”
ويقول الأكراد الأتراك إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يسعى أيضا من خلال تجديد الصراع المفتوح مع حزب العمال الكردستاني إلى تقويض التأييد للمعارضة الموالية للأكراد في الداخل قبل الانتخابات المبكرة المحتملة عبر إثارة المشاعر القومية.
وفي بيان سيعمق على الارجح الشكوك الكردية قالت وحدات حماية الشعب الكردية إن الجيش التركي قصف مواقعها في قرية على مشارف بلدة جرابلس الحدودية التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية. وحثت الوحدات أنقرة على وقف الهجمات على قواتها.
وقال بيان وحدات حماية الشعب إن عدة قذائف دبابات قادمة عبر الحدود أصابت مواقعها وإن الجيش التركي استهدفها بدلا من “الإرهابيين”.
وأكد مسؤول تركي كبير أن الجيش رد على قصف تعرض له عبر الحدود في وقت متأخر أمس الأحد لكنه قال إن من غير الواضح الجماعة التي قصفت تركيا مشددا على أن الجيش التركي لا يستهدف وحدات حماية الشعب.
وقال المسؤول التركي منوها عن أن أنقرة تجري تحقيقا بشأن اتهامات وحدات حماية الشعب لها “العملية العسكرية الحالية تستهدف تحييد التهديدات الوشيكة للأمن القومي التركي ومستمرة في استهداف الدولة الإسلامية في سوريا وحزب العمال الكردستاني في العراق.”
وأضاف “حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا) وآخرون ما زالوا خارج نطاق الجهد العسكري الحالي.”
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومتحدث باسم وحدات حماية الشعب إن الوحدات حققت مكاسب جديدة اليوم الاثنين ضد الدولة الإسلامية في شمال سوريا عندما استولت على بلدة قرب نهر الفرات بعد هجوم استمر شهرا استهدف قطع خطوط إمدادات التنظيم المتشدد.
* اعتقال المئات
ظهر الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي بوصفه الشريك البارز الوحيد على الأرض حتى الآن للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في قتاله ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا.
لكن هذه الجماعة الكردية تربطها صلات بحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية. ويشترك الحزبان ليس في الأفكار فحسب بل في المقاتلين أيضا إذ يجذب حزب العمال الكردستاني أكرادا سوريين إلى معسكراته في شمال العراق وأكرادا أتراك من أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي.
وأتاح ذلك وصول واشنطن وأنقرة إلى حل وسط .
ونقل عن رئيس الوزراء التركي قوله اليوم الاثنين إن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري يمكن “أن يكون له مكان في سوريا الجديدة” إذا لم يسبب قلقا لتركيا وإذا قام بقطع كل علاقاته مع إدارة الرئيس السوري بشار الأسد وتعاون مع قوى المعارضة.
وأكدت واشنطن مرارا وصمها لحزب العمال الكردستاني بالإرهاب وشددت على أنها تحترم حق تركيا في اتخاذ إجراءات ضد الجماعة المتشددة.
وقال إردوغان يوم الجمعة الماضي إن عمليات تركيا ضد المتشددين من الإسلاميين والأكراد واليساريين ستستمر محذرا من أن جميع المنظمات “الإرهابية” ستواجه العواقب إذا لم تلق أسلحتها.
وتأتي خطوات تركيا ضد حزب العمال الكردستاني على الرغم من مفاوضات السلام التي أطلقتها عام 2012 لإنهاء تمرد أسقط 40 ألف قتيل منذ عام 1984.
وأعلن الحزب الكردي أن هذه الخطوات أفرغت عملية السلام من مضمونها.
وقال المسؤول التركي إن قوات الأمن ألقت القبض على 900 من المشتبه بعضويتهم في الدولة الإسلامية والمتعاطفين مع المتشدين الأكراد والمتشددين اليساريين. وقالت وسائل إعلام محلية إن معظم من ألقي القبض عليهم من الأكراد واليساريين وليس من أعضاء الدولة الإسلامية.