إسطنبول (زمان عربي) – نأخذكم اليوم في جولة استكشافية في منطقة “بلاط” التي زاد صيتها وذاعت شهرتها في الآونة الأخيرة كونها من المناطق النادرة التي ما زالت تحافظ على نسيجها التاريخي دون أن تمسه يد البشر بإسطنبول.
نطرق باب التاريخ العتيق للبحث عن مذاق خاص لجمال المنطقة الواقعة في حدود مدينة إسطنبول التاريخية والتي تضم أحد المعالم الأثرية للمعماري سنان وكذلك أحد مطاعم “الكفتة” الشهيرة.
كان السلطان سليمان القانوني يصطحب الشاعر “باقي” في جولاته بسواحل الخليج (القرن الذهبي). لكن قد يتعجب البعض لسبب اصطحاب السلطان سليمان لشاعر معه في جولاته، لكن مع رؤية جمال منطقة “بلاط” يزول هذا العجب ويجد الإنسان جواب هذا السؤال.
كان الشعراء يبدعون في وصف وتصوير المدينة وأحيائها في صورة شعرية رائعة، فقد كان الشاعر “باقي” يشتهر بنظم الأشعار في المناظر الطبيعة وفي وصف المدن وبخاصة إسطنبول.
لا يقتصر المشهد في المدينة على المسلمين فقط، وإنما يدخل فيه أيضًا يهود السفرديم الذين أحضرهم السلطان بيازيد الثاني من إسبانيا، والروم وكذلك الأرمن.
نطرق الآن أبواب “بلاط” المنطقة الواقعة بين منطقتي أيوان سراي وفنر التاريخيين، ونبدأ رحلتنا داخل متحف الطهارة في إسطنبول..
جامع المعماري سنان المنسي!
نصل الآن إلى جامع فرّوح كتخدا بعد جولة في أزقة المنطقة التي تشبه المتاهة. ونحتسي أكوابا من الشاي في حديقة الجامع قبل أن نستكمل جولتنا داخل هذا المعلم التاريخي المنسي.
أُنشئ الجامع في الفترة بين عامي 1562 و1563، وكانت بجواره زاوية للطريقة الخلوتية الصوفية. ولعله يبدو منعزلا عن العالم الخارجي من حوله لهذا السبب.
نصلي بالجامع ونواصل جولتنا إلى المنطقة المعروفة بـ”الزاوية الزرقاء”. يضم هذا المكان مطعم “الألباني الكفتجي” التاريخي، الذي يديره منذ عام 1937 ميلاديًا، الجيل الثالث من أسرة مهاجرة من مدينة تيران إلى منطقة بلاط قبل عام 1885.
لا تخلو قائمة الطعام الخاصة بالمطعم من طبق الكفتة الشهية، وبجانبها طبق البصل والفاصوليا، وكذلك حلوى التريلاتشا… بالإضافة إلى أطباق حساء الكرشة والعدس. لا يمكننا أن نمر من هذا المكان مر الكرام هكذا دون تذوق هذه المأكولات التاريخية في هذا المكان التاريخي الذي استطاع إخفاء نفسه بين الأزقة في مدينة إسطنبول.
شرفة الملّا عشقي: إحدى شرفات إسطنبول
نستكمل رحلتنا بعد ذلك باتجاه القمة سيرا على الأقدام لمدة 10إلى 15 دقيقة حتى نصل إلى أحد أجمل تلال مدينة إسطنبول.
يرى البعض أن هذه التلة تستمتع بمنظر خلاب لخليج القرن الذهبي يفوق جمال المشهد الذي يبدو من تلة بييرلوتي الواقعة في حي السلطان أيوب التي لا تبعد عن هذا المكان كثيرا. يتمكن الناظر من هذا المكان من رؤية تلة تشماليجا التي تقع في الشطر الآسيوي لمدينة إسطنبول. إلا أن الزحف العمراني الذي أصاب المدينة قد يشوه جمال المشهد أمامكم. لكن هذا لن يمنعكم من احتساء كوب من الشاي في شرفة “الملّا عشقي” وسط البيوت والمباني التاريخية التي يعود أغلبها لليهود والروم.