إسطنبول (خاص زمان عربي) – وقعت إيران والدول الست الكبرى الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني أمس الثلاثاء في فيينا بعد المفاوضات التي استمرت لسنوات طويلة لتستعد بذلك إيران التي وطدت نفوذها في السنوات الأخيرة في دول مثل العراق وسوريا واليمن ودول الخليج لفتح صفحة جديدة في العلاقات الدولية وتمهيد الطريق لمرحلة جديدة.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن: في الوقت الذي توسع فيه إيران مناطق نفوذها، ما هي وضعية تركيا الآن بعدما كانت تعد لاعبا مهمّا في المنطقة قبل نحو عامين؟
ولنجب عن هذا السؤال؛ إن وضعية تركيا حاليًا في موقف يرثى له وآلت إلى مستويات متدنية بل ووصلت إلى الحضيض وسط المزاعم التي كان يروجها الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوداوغلو عما يسمى بـ” العزلة القيمة” بمعنى أن تركيا هي التي اختارت أن تعزل نفسها عن قضايا ومناطق معينة، خلافا للواقع.
لكن كيف يتسنى لنا أن نفهم ذلك؟ الأمر اللافت هنا هو أن تركيا التي كانت قبل نحو عامين تعقد مؤتمرات للمصالحة بين الدول الغربية وإيران لدرجة أنها كانت في بعض الأوقات تستضيف هذه المؤتمرات، لا توجد الآن حتى على الطاولة بينما يتم إبرام الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني. بل الأكثر من ذلك هو عدم الحديث عن مساعي تركيا التي قدمتها في الماضي في سبيل الوفاق والمصالحة.
كانت تركيا عام 2010 أبرز دولة في مباحثات البرنامج النووي. إذ أقنعت، ومعها البرازيل، الحكومة الإيرانية في ذلك العام بعمل مقايضة نووية بعدما اتخذتا إجراءات جادة عقب الخطاب الذي كتبه الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وعلى الرغم من الخطوات الحثيثة التي أقدمت عليها تركيا في هذا الموضوع إلا أن العالم الغربي أدار لها ظهره في نهاية المطاف. ولربما كان ذلك عملية اختبار من الولايات المتحدة لإيران.
وقطعت إيران والدول الغربية خطوات مهمّة في مباحثات الملف النووي في الاجتماع الذي عقد في تركيا عام 2013. لدرجة أن أنقرة كانت بمثابة الدولة التي لا يمكن الاستغناء عنها في القمم النووية؛ حيث إنها كانت على دراية بهذه المرحلة بالرغم من أنها لم تكن ضمن أعضاء مجلس الأمن الخمسة دائمي العضوية وألمانيا.
على أن تركيا التي آلت إلى عزلة في العامين الماضيين وانغلقت على نفسها تم استبعادها من مباحثات الملف النووي الإيراني. واستطاعت إيران التي كان ينظر إليها بعين الدولة الشيطان في ظل حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، تأسيس جسور جديدة مع الغرب خلال عامين من حكم رئيسها حسن روحاني.
ويمكن القول بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حل محل كل من الرئيسين الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز والإيراني السابق محمود أحمدي نجاد الذي كان يصيح ويهلل في الجمعية العامة للأمم المتحدة ويتحدى الغرب مع أن الجميع كان يرمقه وعلى وجوههم ابتسامات ساخرة.
إننا الآن نواجه نظام أردوغان الذي خرج علينا بشعارات “العالم أكبر من خمس دول” في الفترة التي أبرمت فيها حتى كوبا اتفاقا مع أمريكا. ولا شك في أن إيران التي تسيطر على المنطقة ستتمكن بعد هذا الاتفاق النووي مع الغرب من زيادة وتوسيع تأثيرها في العالم. أما تركيا فلن ينفعها أحد ولن تبقى حتى قطر إلى جانبها.