إسطنبول (زمان عربي) – يقفز اسم السلطان أحمد إلى أذهان كثير من الناس بمجرد ذكر اسم مدينة إسطنبول أو الحديث عن شهر رمضان المبارك في إسطنبول. إذ إن ساحة جامع السلطان أحمد المسمى بالجامع الأزرق هي محور تجمع الناس خلال إثني عشر شهرا وفي شهر رمضان المبارك على وجه الخصوص.
في يومنا هذا نجد أن شهرة جامع السلطان أحمد والمنطقة المحيطة به سبقت شهرة السلطان العثماني الرابع عشر السلطان أحمد الأول نفسه.
والآن تعالوا لنقوم بجولة في المكان الذي يحفظ في طياته أسرارا تاريخية ثمينة تمتد لمئات السنين؛ ولنستمتع بقضاء الوقت في نهار طويل في فصل الصيف، في رحاب أحد أشهر معالم إسطنبول.
ميدان السلطان أحمد
يظهر ميدان السلطان أحمد، الذي يحمل اسم جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق، الذي يقع في الجهة المقابلة لمتحف آياصوفيا، وكأنه متحف مفتوح في الهواء الطلق.
يعود تاريخ الميدان إلى ألفي عام، وكان يستخدم كمضمار لسباق الخيل، في عهد الدولة البيزنطية. نجد في الميدان ثلاث مسلات تاريخية تعود لحقب وعصور تاريخية مختلفة: الأولى مسلة قسطنطين تقف في قلب الميدان منذ عهد الدولة القسطنطينية إلى الآن، والثانية المسلة الفرعونية التي جُلبت من مصر إلى إسطنبول في عهد الدولة العثمانية، ومسلة عمود الثعبان التي أحضرت من معبد أبولو، كما فيه سبيل الماء الذي أهداه الألمان.
زيارة صهريج المدينة تحت الأرض
من المعروف أن مدينة إسطنبول تضم أكثر من صهريج للمياه المخبأة تحت الأرض.إلا أن أيا منها لم يتمكن من جذب الانتباه بقدر صهريج البازيليك للمياه.
يقف الزوار في صفوف طويلة لمشاهدة هذا الأثر التاريخي، لكن هذا لا يجعلكم تتراجعون عن فكرة الزيارة.
هل كان الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول يعرف أثناء بناء هذا الصهريج بين عامي 527 و565، أي في القرن السادس عشر، أن هذا المكان سيجذب انتباه واهتمام الناس في القرن الحادري والعشرين؟ لا يمكننا الجزم بذلك. ولكننا ندري اليوم أن هذا المكان يشهد إقبالا كبيرا من الزوار يقارب ما يجذبه متحف آياصوفيا.
جامع السلطان أحمد والجوامع الأخرى في الميدان
يتربع جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق كما يُعرف خارج تركيا، على رأس قائمة الجوامع التاريخية الأكثر زيارة في إسطنبول.
لكن تلك المنطقة، التي تحمل اسم السلطان أحمد، تضم عددا آخر من الجوامع التاريخية العتيقة ولو لم تكن كبيرة مثله، ولم تتمتع بالشهرة نفسها للسلطان أحمد؛ من بينها: جامع الصهريج، وجامع المولا فناري، وجامع فؤاد باشا، وجامع فيروز آغا، وجامع حسن آغا نقلبنت، وجامع محمود آغا.
موعد الإفطار في شبه الجزيرة التاريخية
ومع غروب الشمس نبدأ في الاستعداد لتناول الإفطار في أجواء رمضانية مميزة في رحاب جامع السلطان أحمد. وإذا لم تتأخروا يمكنكم حجز مكان مطل على جامع السلطان أحمد أو على متحف آياصوفا. فمن المعتاد تناول الإفطار في تلك المنطقة خلال شهر رمضان، بالأطعمة التي يتم إعدادها في البيت.
وإن لم يتيسر إحضار المأكولات أو المشروبات قبل الذهاب إلى هناك، نقترح لكم شراء بعض المأكولات والمشروبات من المطاعم المجاورة للميدان التي لا تبيع المواد الكحولية.
والآن موعد الإفطار ورفع أذان المغرب من مآذن السلطان أحمد، وأقدامنا على بقعة تاريخية عتيقة، لنبدأ الإفطار في رحاب السلاطين والأمراء.
وها هو جامع السلطان أحمد يناديكم لأداء صلاة المغرب فيه بعد تناول الإفطار. هذا الجامع الذي يتحدث الجميع عن الاهتمام والرعاية البالغة التي أولاها له السلطان أحمد الأول الذي كان من عشاق النبي صلى الله عليه وسلم.
وبحسب بعض الروايات التاريخية فإن السلطان أحمد الأول كان يساعد العمال في رفع الأحجار ومواد البناء أثناء إنشاء الجامع. وعزم على إحضار أثر قدم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من ضريح السلطان قايتباي في مصر لوضعه في جامعه.
لكن السلطان أمر بإعادة أثر القدم الشريف مرة أخرى إلى مصر بعد إشارة تلقاها في منامه.
يني جامع الذي لا يزال جديدا في منطقة أمينونو
شُيد الجامع الجديد (Yeni Cami) في الجهة المقابلة للسوق المصري بمنطقة أمينونو، بأمر من صفية والدة السلطان محمد الثالث، وزوجة السلطان مراد الثالث، في القرن السابع عشر، ليكون أول وجهة لاستقبال الزوار القادمين إلى إسطنبول من مضيق البسفور.