(لارتفاع عدد القتلى ومقتل 9 برصاص الأمن غربي القاهرة وإقرار
مشروع قانون مكافحة الإرهاب)
من يسري محمد وأحمد حسن
الإسماعيلية / القاهرة أول يوليو تموز (رويترز) – قالت مصادر
أمنية إن متشددي الدولة الإسلامية شنوا اليوم الأربعاء هجمات منسقة
واسعة النطاق على نقاط تفتيش عسكرية في محافظة شمال سيناء المصرية
قتل فيها 70 شخصا على الاقل كثير منهم جنود فيما يعد أكبر عملية
للمتشدين في المحافظة المضطربة إلى الآن.
وتمثل العملية تصعيدا كبيرا للعنف في شبه جزيرة سيناء التي
تتاخم إسرائيل وقطاع غزة وتطل على قناة السويس كما أثارت تساؤلات
عن قدرة الحكومة على التصدي للإسلاميين المتشددين الذين قتلوا من
قبل مئات من أفراد الجيش والشرطة.
وهذا هو الهجوم الكبير الثاني الذي تشهده مصر في أسبوع. وقتل
النائب العام هشام بركات يوم الاثنين في انفجار سيارة ملغومة في
القاهرة.
وأعلنت جماعة ولاية سيناء -ذراع تنظيم الدولة الإسلامية في
مصر- مسؤوليتها عن هجمات اليوم في بيان على موقع التواصل الاجتماعي
تويتر.
والقتال الذي دار على مدى ثماني ساعات هو أكبر مواجهة إلى الآن
في شمال سيناء. وقدر مصدر أمني عدد المتشددين المهاجمين بنحو 300
مسلحين بأسلحة ثقيلة وأسلحة مضادة للطائرات.
وقالت المصادر الأمنية إن المتشددين خططوا لمحاصرة مدينة الشيخ
زويد التي تركز معظم القتال فيها عندما استهدفوا جميع نقاط التفتيش
العسكرية فيها في وقت واحد.
لكن مصدرا أمنيا قال “تعاملنا معهم وأنهينا الحصار عن الشيخ
زويد وتراجع المسلحون إلى (مدينة) رفح” على الحدود مع قطاع غزة.
وكثف المتشددون الذين يسعون لإسقاط الحكومة في القاهرة هجماتهم
على قوات الجيش والشرطة منذ 2013 عندما أعلن الجيش عزل مرسي.
وحكمت محاكم مصرية على مئات من قيادات وأعضاء ومؤيدي الجماعة
بالإعدام في الشهور الماضية.
ولا تفرق الحكومة بين متشددي شمال سيناء وجماعة الإخوان
المسلمين التي حظرتها وأعلنتها جماعة إرهابية بعد عزل مرسي. وتقول
الجماعة إن نشاطها سلمي.
* المتشددون يزرعون القنابل
وليس واضحا على الفور كم عدد القتلى من كل جانب.
وقالت المصادر الأمنية إن 36 شخصا على الأقل بين جندي وشرطي
ومدني قتلوا وإن 38 متشددا قتلوا أيضا.
وقال المتحدث العسكري في بادئ الأمر إن عشرة جنود سقطوا بين
قتيل وجريح وإن 22 مهاجما قتلوا. وفي وقت لاحق قال إن عدد القتلى
ارتفع من الجانبين.
وقال الطبيب أسامة السيد في مستشفى العريش العام بمدينة العريش
عاصمة المحافظة إن المستشفى استقبل 30 جثة بعضها كان بالزي
العسكري.
وقالت المصادر الأمنية إن المهاجمين يحاصرون قسما للشرطة في
مدينة الشيخ زويد وإنهم زرعوا قنابل حوله لمنع الأفراد بداخله من
الخروج.
وقالت إنهم زرعوا قنابل بطول طريق يربط بين الشيخ زويد ومعسكر
للجيش لمنع وصول إمدادات أو تعزيزات عسكرية. وفي نفس الوقت قصفت
طائرات أباتشي وطائرات إف 16 أهدافا في المنطقة.
وأضافت المصادر أن المتشددين استطاعوا الاستيلاء على سيارتين
مدرعتين وأسلحة وذخيرة.
وقال سليمان السيد أحد سكان الشيخ زويد “نحن ممنوعون من الخروج
من البيت. ننظر فقط من خلف شرفة المنزل. الاشتباكات ما زالت
مستمرة. رأيت منذ قليل خمس سيارات لاند كروزر محملة بمسلحين ملثمين
يحملون رايات سوداء وكأنهم يحتفلون بانتصارهم على الجيش.”
وقال يوسف عبد السلام الذي يعمل مسعفا “أنا الآن موجود في
سيارة الإسعاف عند مدخل الشيخ زويد. كنا ذهبنا لإسعاف المصابين
ولكننا لم نستطع الدخول بسبب تحذيرات من تفخيخ الطرق.”
وقالت مصادر أمنية وشهود إنه سمع دوي انفجارين في مدينة رفح
المصرية على الحدود مع غزة اليوم الأربعاء. ولم يتضح على الفور سبب
الانفجارين.
وقالت المصادر إن جميع الطرق المؤدية إلى رفح والشيخ زويد
أغلقت وإن السكان لزموا منازلهم.
وعزز قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية
(حماس) إجراءات الأمن على الحدود مع مصر.
وقالت جماعة ولاية سيناء إنها هاجمت اليوم الأربعاء أكثر من 15
موقعا عسكريا وشرطيا ونفذت ثلاثة هجمات انتحارية.
وقال أيمن دين الذي كان قريبا من القاعدة ويدير الآن مكتبا
للاستشارات الأمنية في الخليج إن الهجمات “تذكير صارخ بحقيقة أنه
رغم الحملة العسكرية المكثفة المناوئة للإرهاب في سيناء في الأشهر
الستة الماضية لا تنقص صفوف الدولة الإسلامية بل تزيد وتتطور
عملياتها وتدريبها وتزيد جرأتها.”
وقالت مصادر أمنية إن قوات الشرطة قتلت تسعة “مسلحين” في مدينة
السادس من أكتوبر غربي القاهرة في وقت مبكر اليوم الأربعاء عندما
اقتحمت وكرا كانوا يختبئون فيه.
وأضافت أن السلطات تلقت معلومات أفادت بأنهم كانوا يخططون لشن
هجوم وأن من بين القتلى المحامي ناصر الحافي عضو مجلس الشعب السابق
عن جماعة الإخوان المسلمين.
وقال المتحدث باسم جماعة الإخوان محمد منتصر في اتصال هاتفي مع
قناة الجزيرة التلفزيونية “تمت تصفية مجموعة من قيادات الإخوان بدم
بارد.” وأضاف “لم يكن هناك أية اشتباكات.”
* تشدد عنيد
وكانت الدولة الإسلامية قد حثت أتباعها على تصعيد الهجمات خلال
شهر رمضان لكنها لم تحدد مصر كهدف.
قالت الحكومة المصرية إنها أقرت اليوم الأربعاء مشروع قانون
مكافحة الإرهاب بما يحقق “العدالة الناجزة والقصاص السريع
لشهدائنا.”
ويتعين أن يصدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على مشروع القانون
ليصبح نافذا.
وفي أواخر ابريل نيسان جددت الحكومة العمل بقانون الطوارئ في
أجزاء من شمال سيناء لمدة ثلاثة أشهر أخرى. وكانت حالة الطوارئ قد
سرت في اكتوبر تشرين الأول بعد مقتل 33 من أفراد الجيش في هجوم
أعلنت جماعة ولاية سيناء مسؤوليتها عنه.
واتخذ الجيش عدة إجراءات لسحق المتشددين شملت بجانب قصف
مواقعهم تدمير أنفاق سرية تحت خط الحدود مع قطاع غزة كما أقام
منطقة عازلة على الحدود. ويحفر الجيش خندقا في الوقت الحالي على
الحدود مع القطاع.
وأثارت الإجراءات غضب بعض السكان الذين يقولون إنهم يعتمدون في
كسب الرزق على تهريب السلع في الأنفاق كما يشتكون من إهمال الحكومة
لهم.
وبمقتضى معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979
تعتبر سيناء منزوعة السلاح بشكل كبير. لكن إسرائيل وافقت دوما على
طلبات مصر لنشر تعزيزات للتصدي للمتشددين في شمال سيناء وأشار
مسؤول إسرائيلي إلى إمكانية أن تكون هناك تعزيزات إضافية في
المنطقة بعد هجمات اليوم الأربعاء.
وقال مسؤول إسرائيلي لرويترز طالبا ألا ينشر اسمه “هذا الحادث
غير قواعد اللعبة.” وأضاف “نحن منتبهون لاحتياجات مصر كما نحن
دائما.”
وتحاول مصر إعادة الاستقرار السياسي إلى البلاد بعد سنوات من
الاضطراب الذي أعقب الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة
2011.
وأفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء بأن الحكومة المصرية أقرت اليوم
الأربعاء مسودة قانون الانتخابات مما يمهد الطريق لتحديد موعد
لإجراء الانتخابات البرلمانية التي تأخرت كثيرا.
(إعداد محمد عبد اللاه للنشرة العربية – تحرير سيف الدين حمدان)