من ويل دانام
واشنطن أول يوليو تموز (رويترز) – كبدت بكتريا (يرسينيا
بيستيس) الجنس البشري كما هائلا من البؤس والتعاسة على مدار قرون
من الزمن إذ أبادت ما يقدر بنحو 200 مليون نفس ونشرت أوبئة مروعة
إبان القرنين السادس والرابع عشر.
غير ان هذه الجرثومة لم تكن دوما بهذا القدر من الخطورة لكن
العلماء أعلنوا أمس الثلاثاء ان تغييرات جينية طفيفة جرت قبل عدة
قرون -تضمنت إضافة جين حدثت له طفرات فيما بعد- قد حولتها من كائن
دقيق متوسط الخطورة الى كائن فتاك.
تسببت بكتريا (يرسينيا بيستيس) في وباءين شرسين في التاريخ
البشري : الأول هو طاعون جوستينيان في القرن السادس إبان حكم
الامبراطور البيزنطي جوستين الذي أصيب بالمرض لكنه شفا منه والثاني
هو طاعون (الموت الاسود). وتتسبب البراغيث والفئران فن نقل جرثومة
المرض للبشر.
وأجرى الباحثون تجارب على الفئران والجرذان لرصد التغيرات
الجينية الفتاكة التي طرأت على هذه البكتريا.
استخلص الباحثون سلالة قديمة من البكتريا لا تزال موجودة في
العالم -تم عزلها من احدى قوارض منطقة آسيا- وأدخلوها في جين يتسبب
في إذابة جلطات الدم فيما أدت هذه العملية الى اضافة قوة فتك جبارة
للبكتريا تسببت في إصابة رئوية قاتلة.
أدت اضافة هذا الجين على مر العصور الى تحويل بكتريا (يرسينيا
بيستيس) من كائن مسبب للامراض منها عدوى بسيطة في المعدة والأمعاء
الى نوع قاتل يسبب مرضا تنفسيا وبائيا شرسا يسمى الالتهاب الرئوي
الطاعوني.
وجد العلماء ايضا ان طفرة معينة من نفس الجين -وهي طفرة موجودة
في السلالات الحديثة من هذه البكتريا- مكنت الجرثومة من الانتشار
داخل جسم الانسان واختراق الغدد الليمفاوية له مثلما يحدث في مرض
الطاعون الدبلي.
وقال وندام لاثيم عالم الميكروبيولوجيا بكلية طب شيكاجو في
جامعة فاينبرج -الذي أشرف على البحث الذي أوردته دورية (نيتشر
كومينيكيشنز)- إن التقديرات تشير الى ان طاعون جوستينيان أباد من
25 الى 50 مليونا من البشر فيما أهلك طاعون (الموت الاسود) 150
مليونا على الاقل.
وأضاف لاثيم “تركت بكتيريا (يرسينيا بيستيس) بصماتها الواضحة
على مسيرة الحضارة الانسانية”.
وقال إن من الصعوبة بمكان ان نعرف على وجه الدقة متي أضافت هذه
البكتريا -التي اكتسبت ثم فقدت جينات عديدة على مر الزمن- جين
الطاعون الفتاك لكن “من المرجح ان يكون ذلك قد حدث منذ أكثر من
1500 عام على الأقل” ما يعني انه ربما يكون قد جرى قبل استفحال
طاعون جوستينيان في القرن السادس الميلادي.
ومضى يقول “إنه أمر يجب ان نضعه في الحسبان ونحن ندرس البكتريا
الأخرى المسببة للأمراض. الأمر لا يتطلب سوى حدوث تغير بسيط ثم قد
نفاجأ على حين غرة بجائحة عالمية جديدة من نوع ما”.
(إعداد محمد هميمي للنشرة العربية – تحرير ياسمين حسين)