إسطنبول (زمان عربي) – هل أنتم مستعدون لتذوّق تلك النشوة والفرحة التي لا يشبع منها أحد في أيام رمضان التي كنا نشهدها في الماضي في إسطنبول القديمة؟ تفضلوا معنا لنصطحبكم أولا إلى منطقة أورتاكوي.
يعد حي بيشيكتاش الذي يوجد به منطقة أورتاكوي الواقعة في الشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول الوجه الخفي للدولة العثمانية؛ ذلك أنها المكان الذي استضاف الإمبراطورية العثمانية في آواخر عهدها، وهو ما يعني أنكم إذا ما قمتم برحلة إلى الماضي سترون الفترات الأخيرة من الدولة العثمانية.
بداية لنستنشق نفسًا في حديقة “يلديز بار” التي تعد واحدة من أكبر حدائق إسطنبول الواقعة في هذه المنطقة. قام السلطان محمود الخامس بشراء هذه الحديقة التي بدأت تكتسب أهمية عقب السلطان أحمد الأول ثم قدمها إلى ابنته كهدية. وبهذا تكون وضعت الأسرة الحاكمة يدها على هذه الحديقة الجميلة.
واكتسبت الحديقة التي كانت تعد متنزهًا لسيدات القصر منظرًا مختلفًا بعدما شَيّد فيها السلطان محمود الثاني قصرًا. ثم زاد عدد القصور المشيدة في الحديقة في عهد السلطان عبد العزيز. فعلى سبيل المثال تعد المخيمات وقصور مالطا ذكريات شاهدة على هذه الفترة.
كلما اقترب موعد الإفطار نتجه بخطوات بطيئة نحو الجامع الرائع الموجود في منطقة أورتاكوي. وهذه المنطقة واحدة من أجمل الأماكن التي تطل على مضيق البوسفور. ويعد جامع “بويوك مجيديّة” الذي اشتهر باسم جامع أورتاكوي أحد المعالم الأثرية الثمينة التي أضافها السلطان الواحد والثلاثين عبد المجيد لمدينة إسطنبول العريقة.
ويعتبر معمار جامع أورتاكوي مشيداً على نمط المعمار”البيلاني” نسبة إلى أسرة بايلان المعمارية، وهو بذلك مشيد مثل العديد من المباني الواقعة على خط البوسفور.
في المقام الأول يلفت أنظارنا في جامع أوتاكوي قسم الحريم والسلطان كما هو الأمر في كل جوامع السلاطين، كما يلفت الانتباه أيضًا النوافذ الواسعة والكبيرة. كما أن لفظ الجلالة واسم النبي محمد – صلى الله عليه وسلم- وأسماء الخلفاء الأربعة –رضوان الله عليهم- التي تزين جدران الجامع كتبت في عهد السلطان عبد المجيد.
والآن حان وقت الإفطار. لعل الذين أحضروا أكلهم معهم محظوظون لأنهم سيفطرون أمام البوسفور في جو المساء الدافئ ومتعة هدوء المدينة في تلك الساعة. وبعد الإفطار يمكن أن تتناولوا الشاي الطازج من الباعة الجائلين. أما الذين لم يحضروا شيئا من منزلهم فيمكن أن ننصحهم بالمطاعم الموجودة في المنطقة لكنها غالية قليلا. وتقبل الله منكم صيامكم.
صلاة التراويح في حضرة يحيى أفندي
بعدما تقاعد يحيى أفندي أخو السلطان سليمان في الرضاعة من المعاهد الدينية المسماه بـ “صحني سامان” التي امتهن فيها تدريس العلوم الدينية شيّد تكيّة خاصة به في الحي الذي اشتراه في محيط بيشيكتاش.
ويعد قبره أحد المصابيح الروحانيّة الواقعة على البوسفور إلى جانب قبور كل من عزيز محمود هدائي المدفون في أوسكودار وسيدنا يوشع عليه السلام المدفون في بايكوز وتاللي بابا المدفون في صاريير. كما أن تحية قباطنة السفن له حتى الآن هي في الحقيقة استمرار لهذه العادة.
والآن يرفع الأذان ليدعو المسلمين لصلاة التراويح.