مدينة الفاتيكان 18 يونيو حزيران (رويترز) – طالب البابا
فرنسيس اليوم الخميس باتخاذ اجراءات سريعة لانقاذ كوكب الارض من
الدمار البيئي وحث زعماء العالم على الانصات إلى “صرخات الارض
وأنات الفقراء” ما أقحم الكنيسة الكاثوليكية في جدل سياسي بشأن قضة
تغير المناخ.
وفي أول وثيقة بابوية كرسها للبيئة دعا البابا إلى “اتخاذ
اجراء حاسم الآن وهنا” لوقف تدهور البيئة ومنع زيادة درجة حرارة
الكوكب مؤيدا بحق موقف العلماء الذين يقولون إن تغير المناخ من صنع
البشر.
وفي رسالته البابوية دعا البابا الى تغيير اسلوب حياة الدول
الغنية التي تنغمس في الثقافة الاستهلاكية “الخرقاء” ووضع حد
“للمواقف المعرقلة” التي تفضل الربح احيانا على الصالح العام.
وأثار أكثر إعلان بابوي اثارة للجدل خلال نصف قرن حفيظة
المحافظين منهم بعض المرشحين الجمهوريين للرئاسة الامريكية ممن
انتقدوا البابا لانه أقحم السياسة في العلم.
لكن أول بابا من امريكا اللاتينية قال إن حماية الكوكب “ضرورة”
معنوية واخلاقية للمؤمنين وغيرهم على حد سواء تسمو على المصالح
السياسية والاقتصادية.
وندد البابا الارجنتيني المولد والبالغ من العمر 78 عاما “بقصر
النظر السياسي” الذي قال إنه عطل العمل البيئي البعيد النظر وقال
إن “كثيرين ممن يملكون المزيد من الموارد والنفوذ السياسي أو
الاقتصادي يبدو انهم يعنون بقدر أكبر باخفاء المشاكل او التستر على
اعراضها”.
واعترض البابا على من يقولون بان “التكنولوجيا ستحل جميع
المشاكل البيئية وان حل مشكلتي الجوع والفقر في العالم يكمن ببساطة
في نمو السوق”.
وقال إن الوقت ينفد أمام حل مشكلة كوكب “بدأ يبدو وكانه كومة
هائلة متزايدة من التلوث” والذي يمكن ان يشهد “دمارا لا مثيل له
يحل بالمنظومات البيئية” هذا القرن.
وقال “نحتاج الى ان نرفض من جديد المفهوم السحري للسوق الذي
يوحي بانه يمكن حل المشاكل ببساطة من خلال زيادة ربحية لشركات
والأفراد”.
ورفض جدوى مبادلة حصص الكربون قائلا بانها تبدو “حلا سريعا
ويسيرا” لكنه قد يفضي الى “صورة جديدة من المضاربات” التي تكرس
زيادة الاستهلاك ولا تتيح اجراء “التغيير الجذري” اللازم.
وقال في الرسالة البابوية التي تقع في 200 صفحة “ربما نكون قد
تركنا للاجيال القادمة انقاضا وحطاما وسخائم”.
وقال “إن وتيرة الاستهلاك والنفايات وتغيير البيئة تجاوزت
كثيرا قدرة الكوكب لدرجة ان نمط حياتنا المعاصر -الذي اصبح لا
يطاق- لن يؤدي الا الى الكوارث مثل تلك التي تحدث الآن وبين الحين
والآخر في بقاع مختلفة من العالم .. يتعين ان نفكر في قدرتنا على
المحاسبة تجاه اولئك الذين يجب ان يتحملوا العواقب الوخيمة”.
وأضاف انه “يعول على نتائج أفضل الأبحاث العلمية المتوافرة”
ووصف تغير المناخ بانه “أحد التحديات الرئيسية التي تواجه
الانسانية في وقتنا الراهن” مشيرا الى ان الدول الفقيرة هي التي
ستعاني بدرجة أكبر.
وفي عدة مواضع في رسالته البابوية التي تقع في ستة فصول واجه
البابا مباشرة من ينكرون قضية تغير المناخ ومن يقولون إنها ليست من
صنع البشر.
وقال “هناك اجماع علمي رصين للغاية يوضح اننا نشهد في الوقت
الراهن زيادة تبعث على القلق في درجة حرارة المنظومة المناخية ..
الانسانية مطالبة بالاعتراف بضرورة تغيير نمط الحياة والانتاج
والاستهلاك من اجل مكافحة هذا الاحترار او على الاقل الاسباب
البشرية التي تسببه او تفاقمه”.
وقال “صحيح ان هناك عوامل اخرى مثل النشاط البركاني وتفاوتات
مدار الارض ومحورها والدورة الشمسية لكن عددا من الدراسات العلمية
يوضح ان معظم الاحترار العالمي في العقود الاخيرة يرجع الى التركيز
العالي من غازات الاحتباس الحراري -مثل ثاني اكسيد الكربون
والميثان وأكاسيد النيتروجين وغيرها- التي انطلقت بصفة اساسية
نتيجة للنشاط البشري”.
ودعا الى انتهاج سياسات للحد بصورة “جذرية” من الغازات الملوثة
مشيرا الى ان التكنولوجيا التي تقوم على أساس الوقود الحفري “يتعين
احلالها تدريجيا دونما ابطاء” مع النهوض بمصادر الطاقة المتجددة.
وانتقد من “يتمسكون بان الهياكل الاقتصادية والتقنيات الراهنة
ستحل جميع المشكلات البيئية”.
(إعداد محمد هميمي للنشرة العربية – تحرير سامح الخطيب)