مصطفى أونال
تعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لأكبر خسارة في تاريخه السياسي. وهذا ليس من حيث نسبة الأصوات بل من حيث عدد أعضائه في البرلمان.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] خرج النظام الرئاسي من جدول أعمال تركيا. دع عنك نقل البلاد إلى النظام الرئاسي، فإن الحزب الحاكم خسر الأغلبية المطلقة المطلوبة لتشكيل حكومة بمفرده، بعد أن بقي حتى تحت حاجز 276 عضواً بالبرلمان. وأصوات الحزب شهدت تراجعاً بنسبة 10% مقارنة مع الانتخابات السابقة، حيث انخفضت من 50% إلى نحو40%، وهذا رغم استخدامه لكل إمكانيات الدولة.[/box][/one_third]الحصول على المرتبة الأولى ليس نصراً بالنسبة لحزب العدالة والتنمية. ولا جدوى ولا معنى في تسلي الحزب وتشدقه باحتلاله المرتبة الأولى؛ إذ كان الهدف هو الحصول على 400 من أعضاء البرلمان وتغيير الدستور وفرض النظام الرئاسي. وكان الحزب راضياً حتى بالفوز بـ330 مقعداً.
خرج النظام الرئاسي من جدول أعمال تركيا. دع عنك نقل البلاد إلى النظام الرئاسي، فإن الحزب الحاكم خسر الأغلبية المطلقة المطلوبة لتشكيل حكومة بمفرده، بعد أن بقي حتى تحت حاجز 276 عضواً بالبرلمان. وأصوات الحزب شهدت تراجعاً بنسبة 10% مقارنة مع الانتخابات السابقة، حيث انخفضت من 50% إلى نحو40%، وهذا رغم استخدامه لكل إمكانيات الدولة. ولم يكف تدخُّل رئيس الجمهورية وررئاسة الشؤون الدينية وقنوات الإعلام الرسمي (TRT) ووسائل الإعلام الموالي لتغيير النتيجة، مع أن هذا القدر من استخدام الحملات الدعائية بكل هذه الوسائل، كان كفيلاً في الظروف العادية بالحصول على 70 إلى80% من الأصوات.
هذا البلد لم يسمح حتى اليوم بأن يسود حكم الرجل الواحد كما هو الحال في الأنظمة البعثية. وأثبت ذلك هذا الشعب من خلال انتخابات أول من أمس، إذ كان بمثابة استفتاء عام على الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية. لكن القصر والحزب الحاكم لم يحصلا على ثقة الشعب. حيث أشهر الشعب البطاقة الحمراء في وجه أردوغان وحزبه.
تجوّل أردوغان في كل المدن، وقاد حملات انتخابية لصالح العدالة والتنمية تحت غطاء المشاركة في افتتاحات مشاريع مختلفة، وتهجم علىى أحزاب المعارضة، سعياً لتحقيق أمنيته حول تطبيق النظام الرئاسي. لكنه بهذه النسبة من الأصوات جعل منصب الرئاسة الذي يشغله قابلاً للنقاش. فمثل هذه النتائج تضطر أصحابها إلى تقديم الاستقالة في الديمقراطيات العادية.
إن رسالة الشعب واضحة تماماً: الناخب لم يناصر أردوغان ولا داود أوغلو. وكأنه قال “لا يخطرنّ على بالك النظام الرئاسي”، وقال “لا” أيضاً لحكومة الحزب الواحد. ورفض التكبر والاستكبار والعنجهية، وحكم الفرد، وندّد بانتهاك القانون، واعترض على الديكتاتورية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] هذا البلد لم يسمح حتى اليوم بأن يسود حكم الرجل الواحد كما هو الحال في الأنظمة البعثية. وأثبت ذلك هذا الشعب من خلال انتخابات أول من أمس، إذ كان بمثابة استفتاء عام على الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية. لكن القصر والحزب الحاكم لم يحصلا على ثقة الشعب. حيث أشهر الشعب البطاقة الحمراء في وجه أردوغان وحزبه.[/box][/one_third]وغدت النقاشات تدور حول أردوغان وداود أوغلو. فقد بات مستحيلا أن يمارسا رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء كما في السابق. وهذا مخالف لروح الديمقراطية والإرادة الشعبية. وأصبح كــلاهما كالبطة العرجاء. وإن رسالة الشعب هي أكثر من مجرد تنبيه عادي أو تحذير بسيط.
ولا يمكن للعدالة والتنمية أن يمضي في طريقه قائلاً إنه استخلص الدرس اللازم من النتائج.
إذن فنحن أمام مشهد سياسي مختلف في تركيا. فما الذي سيحدث؟ وكيف ستُشكل الحكومة؟ وحتى إمكانية أن ينتخب حزب العدالة والتنمية رئيساً للبرلمان باتت أمراً صعباً بعد أن عمل على استقطاب المجتمع والسياسة. كما جعل المعارضة تتحد ضده. فهذا المشهد قد ينعكس على انتخاب رئيسٍ للبرلمان أيضاً.
ولا تستغربوا إذا انتُخب إلهان كسيجي من حزب الشعب الجمهوري أو أكمل الدين إحسان أوغلو من حزب الحركة القومية رئيساً للبرلمان. فهذا الحزبان لن يتركا ثاني أهم منصب في البلاد للعدالة والتنمية.
كيف ستتشكل الحكومة؟ من الصعوبة بمكان أن نتوقع هيكلة الحكومة المقبلة. وليس من الوارد أن تتحد قوى المعارضة. كما لا يمكن أن ينضمّ حزب الحركة القومية التركي إلى جانب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي إلى الحكومة الائتلافية ذاتها. وتشكيل العدالة والتنمية حكومة أمر وارد. وحينها سيكون رئيس البلاد حكماً ليتم فتح القفل. لكن أردوغان فقد هذه الفرصة بتخليه عن حياديته وقطعه علاقته بأحزاب المعارضة. ولم يستجب أحد من زعماء المعارضة لطلب أردوغان لزيارة القصر؛ لأنه تصرف وكأنه واحد من أعضاء العدالة والتنمية. وهذا أمر يزيد من تأزم الوضع.
ومن الاحتمالات الواردة في ضوء نتائج الانتخابات أن الوضع الراهن قد تتمخض عنه تطورات سياسية كثيرة لا يمكن تخمينها. والأهم هو أن حزب العدالة والتنمية تلقى صدمة قوية. وستدور نقاشات داخلية حول إخفاق الحزب وأسبابه، وستتم المطالبة بالبديل. وربما بتصفية البعض. ومن المحتم أن صوت عبد الله جول سيعلو أكثر فأكثر. ولن يعود أي شيء كما كان في السابق بالنسبة لتركيا أو للعدالة والتنمية. 7 يونيو نهاية عهد. ومن الآن فصاعدا بدأ عهد يحمل في طياته الكثير من المفاجآت.