إسطنبول (زمان عربي) – يتوجه الناخبون الأتراك بعد غد الأحد إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية للاختيار ما بين السلطوية والديمقراطية حيث سيحدد 55 مليون ناخب تركي النواب الجدد للدورة الخامسة والعشرين للبرلمان التركي.
واستعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم في الحملات الانتخابيّة، التي شهدت نقاشات حادة وجدلا كبيرا، أعماله وإجراءته التي يزعم أنها ناجحة، فيما تحدثت أحزاب المعارضة عن وعودها التي ستقدمها حال وصولها إلى سُدة الحكم، إلى جانب تطرقها إلى أعمال الفساد والرشوة في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013 التي طالت أسرة أردوغان ورموزا كبيرة من حكومة العدالة والتنمية ورجال الأعمال المقربين منها.
وعقدت الأحزاب الأربعة الكبرى في البلاد (العدالة والتنمية، والشعب الجمهوري، والحركة القومية، والشعوب الديمقراطيّة الكردي) لقاءات جماهيريّة ضخمة؛ طلب فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم أصواتا تكفي لمواصلة أعمال الاستقطاب في البلاد، فيما طالبت المعارضة بأصوات للاعتدال وممارسة الحياة الطبيعية بين الناس. كما أن ميل الأحزاب المعارضة إلى الوعود الاقتصادية التي لاقت أصداءً وترحيبًا لدى المجتمع بدلا عن الدخول في مناقشات وحوارات إيديولوجية خلق حالة من الخوف لدى العدالة والتنمية الحاكم.
وشكّلت كل من أعمال الفساد والرشوة في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013 والتصريحات والكلمات التي يدلي بها أردوغان في الميادين الانتخابيّة وكأنه زعيم معارض، بينما يفترض فيه أن يكون محايدًا بحكم الدستور تجاه جميع الأحزاب على اختلاف توجهاتها، وقصر أردوغان “القصر الأبيض” القضية الرئيسية بين أوساط الرأي العام.
الأكراد يدخلون الانتخابات كحزب للمرة الأولى
ولعل أكثر موضوعين يشغلان أذهان الرأي العام في هذه الانتخابات هما: هل سينجح حزب الشعوب الديمقراطية الكردي في اجتياز حاجز الحد الأدني للتمثيل في البرلمان البالغ 10 في المئة أم لا في هذه الانتخابات، التي يدخلها كحزب للمرة الأولى، وهل سيضطر العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد منفردًا منذ 13 عاما إلى الدخول في حكومة ائتلافيّة أم لا.
أما الموضوع الأكثر نقاشًا في هذه الانتخابات، فهو مصداقية صناديق الاقتراع. إذ أعربت أحزاب المعارضة كافة عن قلقها وتخوفاتها من التلاعب والتزييف في الانتخابات من قِبل الحزب الحاكم.
مليون شاب سيصوتون للمرة الأولى
ويشارك في انتخابات بعد غد الأحد 20 حزبا في مقدمتهم أحزاب العدالة والتنمية، الشعب الجمهوري (حزب المعارضة الأم)، والحركة القومية (ثاني أكبر الأحزاب المعارضة)، والشعوب الديمقراطيّة الكردي، والسعادة الذي ينحدر منه أردوغان وعدد من كبار مسؤولي الحكومة. حيث سيصوت داخل البلاد 53 مليونا و765 ألفا و231 ناخبا، فيما صوّت في الخارج مليونان و867 ألفا و658 ناخبا. واللافت هو أن نحو مليون و103 آلاف ناخب أتموا عامهم الثامن عشر حديثًا سيتوجهون للإدلاء بأصواتهم. كما يخوض السباق 165 مرشحا مستقلا في عموم مدن تركيا على رأسها إسطنبول وأنقرة وإزمير للفوز بمقاعد في البرلمان.
الشعب الجمهوري لم يقع في فخ العدالة والتنمية.. وتحدث عن الاقتصاد بدلا عن القضايا الإيديولوجية
واللافت أن حزب الشعب الجمهوري ذا التوجه اليساري، الذي لطالما كانت تشغل موضوعات مثل الكماليّة (السير على مبادي كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة) والعلمانيّة برنامجه الانتخابي لاسيما في الانتخابات السابقة، خرج للشعب هذه المرة بمشاريع اقتصادية، وهو ما أثّر بشدة في استراتيجيّة الانتخابات بالمسبة للعدالة والتنمية.
ولاقت وعود الشعب الجمهوري اهتماما وإقبالا كبيرين من الشعب مثل؛ خفض أسعار الديزل وصرف مكافآت للمتقاعدين في الأعياد ورفع أجور الحد الأدنى للعاملين. غير أن حكومة العدالة والتنمية رد على هذه الوعود بأنه ليس ثمة موارد مالية لذلك. ما جعل المعارضة تضيق الخناق عليها وقدمت أدلة عندما قالت: “الموارد المالية موجودة لإنشاء القصر “القصر الأبيض” ،لكن عندما يكون حديثنا عن الفقراء والمحتاجين فسرعان ما تقولون إنها غير موجودة”.
إلا أن أعمال الفساد والرشوة في 17 و25 ديسمبر 2013 والقصر الأبيض غير المرخص الذي يضم 1100 غرفة ومصروفات القصر وسيارات الوزراء الفارهة التي قال أردوغان عنها إنها غير مُكلفة وسعرها مثل “تكلفة المكسّرات” والتكاليف الضخمة، ضيقت الخناق أكثر على العدالة والتنمية.
جميع القنوات تعمل لأردوغان والعدالة والتنمية
أصبحت المؤسسات الإعلامية التي يسيطر عليها أردوغان مباشرة بما فيها القنوات والصحف الموالية للحكومة أجهزة إعلامية تعمل لصالح أردوغان والحكومة في أثناء الحملة الانتخابيّة. لدرجة أن أحزاب المعارضة وجدت صعوبة في إيجاد مؤسسات إعلامية يمكنها إيصال أصواتها عبرها. كما حاول أردوغان وقف بث بعض القنوات التي يمكن للمعارضة الحديث فيها عن طريق الضغط عليها.