القاهرة أول يونيو حزيران (رويترز) – في افتتاح (ملتقى القاهرة
الدولي لتفاعل الثقافات الافريقية) اليوم الاثنين دعا مثقفون
أفارقة إلى تأسيس مفوضية افريقية للشؤون الثقافية كماأعلن وزير
مصري عن إنشاء وحدة ثقافية افريقية.
وبتنظيم الدورة الثانية للملتقى والتي حملت عنوان (الهوية فى
الآداب والفنون الافريقية) تتقدم مصر بخطوة إيجابية نحو القارة
السمراء منذ الاحتجاجات الشعبية التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني
مبارك عام 2011 حيث شهد العام التالي تنظيم (مهرجان الأقصر للسينما
الافريقية) الذي يقام سنويا بانتظام منذ 2012.
وكانت وزارة الآثار المصرية أعلنت في يونيو حزيران 2013 إنشاء
إدارة للتنسيق بين مصر وافريقيا في المجال الأثري تشمل إرسال بعثات
مصرية للقيام بأعمال الحفائر وتدريب الأثريين الأفارقة وفي يوليو
تموز 2014 أعلنت وزارة الثقافة بعد لقاء وزير الثقافة المصري مع 30
سفيرا افريقيا أن افريقيا ستكون ضيف شرف أنشطة مصر الثقافية
والفنية في الفترة القادمة.
ويشارك في (ملتقى القاهرة الدولي لتفاعل الثقافات الافريقية)
الذي افتتح بالمجلس الأعلى للثقافة في القاهرة نحو 100 باحث ومفكر
وأديب وفنان من 24 دولة افريقية منها سبع دول عربية هي ليبيا وتونس
والجزائر والمغرب وموريتانيا والسودان إضافة إلى مصر.
وقال عبد الواحد النبوي وزير الثقافة المصري في الافتتاح إن
لافريقيا مكانة بارزة في الاهتمام المصري على مر التاريخ معلنا عن
“إنشاء وحدة ثقافية افريقية لتدعم العلاقات بين بلدان القارة
الافريقية وتكون داعما لتلاقي المفكرين الأفارقة سنويا بمصر وتشكيل
لجنة من المفكرين والروائيين والأدباء لدعمِ العلاقات الثقافية”
مضيفا أن وزارة الثقافة المصرية تدرس تأسيس مركز ثقافي افريقي دولي
مقره القاهرة يقدم أنشطته في كافة دول القارة.
وقال أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة محمد عفيفي الأمين
العام للمجلس الأعلى للثقافة في الافتتاح إن الأزهر والكنيسة
المصرية كان لهما دور مؤثر فى افريقيا التي “قدمت لمصر الكثير من
الأدباء والمؤرخين أمثال عبد الرحمن الجبرتي (1756-1825)” الذي
يراه كثيرون من أبرز مؤرخي مصر عبر العصور.
وقال عفيفي لرويترز على هامش الملتقى إن لانعقاده أهمية علمية
وإعلامية بتسليط الضوء على الجوانب المضيئة والباحثين البارزين في
القارة التي تسهم حاليا في حركة التقدم العلمي بدليل وجود أكثر من
جامعة افريقية ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم.
وشدد السنغالي معلمو سنكورو في كلمة المشاركين في افتتاح
الملتقى على ضرورة الاهتمام بالهوية الافريقية التي لا يراها
منفصلة عن التنمية الاقتصادية والسياسية معتبرا الثقافة “هي طريقة
حياتنا فى بلادنا الافريقية المختلفة.”
وفي الجلسة التي أدارها سنكورو دعا السيد فليفل أستاذ التاريخ
والعميد السابق لمعهد البحوث والدراسات الافريقية إلى تأسيس
(المفوضية الافريقية للشؤون الثقافية) قائلا إنها ستسهم في تصحيح
صورة الأفارقة في العالم والتي صارت مرادفا للتشدد أو الهجرة
السرية التي أصبحت في رأيه بابا لتسلل أفارقة إلى أوروبا والعمل في
مهن متدنية يراها “تجارة رقيق جديدة.”
وأضاف أن أوروبا “التي صنعت مشاكل القارة” لا تمنح حقوقا
للناجين من الهجرة السرية وإن (الاتحاد من أجل المتوسط) مشروع يهدف
إلى حث الدول الافريقية على القيام بدور الحارس لمنع الوصول إلى
الشاطئ الأوروبي.
وقال إن على الأفارقة النظر إلى أنفسهم بعيدا عن تقييم ذاتهم
من وجهة نظر الغرب وإن تصحيح الصورة يبدأ باستعادة الثقة بالنفس
والوعي بالتاريخ مقترحا تدريس “كتاب تاريخ واحد للقارة الافريقية”
من شاطئ المتوسط إلى جنوب افريقيا.
وأيده في اقتراح إنشاء (المفوضية الافريقية للشؤون الثقافية)
المخرج المسرحي المصري أحمد إسماعيل قائلا إن الاتحاد الأوروبي
يقدم دعما كبيرا للفنون والثقافة للمبدعين الأفارقة ولا تخلو هذه
المنح من شروط ولو كانت غير معلنة.
وقال الاثيوبي سولومون هايليماريام إن للثقافة والإعلام
والفنون دورا اقتصاديا لا يستهان به.
وأشار إلى ثيابه وقال إنه يرتدي هو و99 بالمئة من الحاضرين
الذين ازدحمت بهم القاعة زيا أوروبيا أسهم الإعلام والسينما في
جعله زيا يصلح لأي أحد وإن إلحاح الإعلام أدى إلى يكون حجم شراء
الافريقيات للشعر المستعار 761 مليون دولار. وتساءل: لماذا؟
وقال هايليماريام في ورقة عنوانها (صراع الهويات فى افريقيا
زمن العولمة.. دور وسائل إعلام العولمة المؤثرة فى الثقافة
الافريقية) إن الثقافة “أساس الاقتصاد” وإن ما اعتبره تشويها
للشخصية الافريقية جعلها تنتمي لغير افريقيا وتنعش الاقتصاد
الأوروبي.
ولكن صالح أبو بكر علي عميد كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية
بجامعة آدم بركة في تشاد بدا أكثر تفاؤلا باستعراضه جوانب من
النهوض الافريقي في مجال العلوم والبنية الأساسية بعد أن أصبحت
افريقيا جاذبة للاستثمار ومجالا “للتنافس المحموم” وخصوصا من
الشركات الصينية والهندية.
إلا أنه حذر من اضمحلال بعض الثقافات واللغات المحلية وعلق على
اقتراح تأسيس (المفوضية الافريقية للشؤون الثقافية) آمالا كبيرة في
هذا الشأن.
ويستمر الملتقى ثلاثة أيام.
(إعداد سعد علي للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)