بارتين (تركيا) (زمان عربي) – تتميز بلدة أماسرا التابعة لمدينة بارتين بطبيعتها الخضراء وسواحلها المطلة على البحر الأسود وحياتها الهادئة وأهلها من أصحاب الذوق الرفيع.تقدم هذه البلدة فرصة متميزة لمحبي الطبيعة والاستجمام، كما أنها كذلك لا تغفل محبي التاريخ بحضارتها العريقة الممتدة لآلاف السنين.
تعتبر بلدة أماسرا نقطة التلاقي بين صفاء السماء الزرقاء، ونقاء الهواء العذب، وجمال مياه البحر الأسود الساحرة، تلك العوامل التي أهلتها لتحجز لقبها بين مدن البحر الأسود، لتحتفظ لنفسها بلقب” لؤلؤة البحر الأسود”.
تمكنت بلدة أماسرا بموقعها المتميز من احتضان حضارة امتدت لثلاثة آلاف عام. وتتمتع بموقع يشبه شبه جزيره طبيعية، وعند النظر إليها من أعلى المرتفعات يمكننا أن نرى اصطفاف المراكب والقوارب بشكل منظم بالقرب من ساحلها وكأنها داخل أحد الموانئ الكبيرة.
تبدو البلدة من أعلى المرتفعات وكأنها لسان شاطئي يشق البحر الأسود، لترسوا على جانبيه القوارب ليظهر البحر وكأنه ميناءان طبيعيان في تلك المنطقة البديعة. وتفرض الطبيعة الخضراء وجودها بقوة في المنطقة، لتدفع زائريها إلى العبور وسط المروج الخضراء، من أعلى المرتفعات حتى يصلوا إلى الساحل.
وعندما نصل إلى الساحل نجد أنفسنا أمام لوحة فنية بديعة، ترسم نفسها بالقرب من المنارة في وسط المياة؛ حيث تمر الدلافين من هذا المكان بكثرة، تجعل من يشاهد حركاتها الإنسيابية يحسب أنها جاءت لترحب به.
يعتقد أن قبائل الأمازون كانت تعيش في هذه المنطقة
تُعَد بلدة أماسرا، أول أبواب السياحة التركية منذ القدم، وهي تقدم فرصة فريدة من نوعها للخروج في رحلة قصيرة عبر الزمن، لتأخذنا في رحلة لمدة ساعتين عبر طفحات التاريخ لمشاهدة حضارتها العريقة التي احتضنتها على مر الزمان.
يعتقد أن قبائل الأمازون كانت أول من سكن البلدة، وجاء بعد ذلك الفينيقيون، ثم الأيونيون، والآخيون، والخيريون والفرس، وقبائل آماستريس، حتى ظهرت بعد ذلك دول وإمبراطوريات عدة بدأت بالدولة البنطسية، ثم الرومانية والبيزنطية، مرورا بالدولة العثمانية التي حافظت على هذه البلدة الجميلة بعناية فائقة حتى وصلت إلى الجمهورية التركية.
تضم البلدة مجموعة نادرة من التحف والقطع الأثرية النادرة المهمة للغاية. فضلا عن طبيعتها الخلابة، وأزقتها الضيقة العتيقة، وساحلها النقي، الذي تجذب كل قاصٍ ودانٍ.
من أبرز المعالم الأثرية التي تضمها البلدة العتيقة، كنيسة صغيرة من أطلال الدولة الجنوية، والتي تم تحويلها فيما بعد إلى جامع بعد فتح السلطان محمد الفاتح للبلدة. بالإضافة إلى عدد من التماثيل والقطع الأثرية على أسوار القلعة القديمة، التي تمثل حقبا تاريخية مختلفة.
ويربط جسر “كيميريه” المشيد من زمن الدولة الرومانية، بين بلدتي سورماجير وبوزتيبه- زيندان (الزنزانة).
تتميز البلدة بشوارعها وأزقتها الضيقة العتيقة التي تجعلنا نشعر وكأننا رجعنا بآلة الزمن مئات بل آلاف السنين للوراء. وما إذا وصلنا إلى القلعة وألقينا النظر نجد أننا أمام لوحة فنية كاملة لنقطة التقاء السهول الخضراء مع صفاء السماء وجمال شواطئ البحر الأسود.
صيد الأسماك وأعمال النجارة
لا يمكننا أن نمر ببلدة أماسرا دون أن نزور متحف أماسرا، الذي كان في فترة من الفترات المدرسة البحرية، للاطلاع على ما يضمه من تماثيل وقطع أثرية ومعدات وأدوات قتال تعود لحقب تاريخية مختلفة تتنوع بين الرومانية والبيزنطية والجنوية وحتى السلجوقية والعثمانية.
تتميز البلدة بخبرة طويلة في عمليات صيد الأسماك، جعلها تتميز في يومنا هذا بصيد الأسماك وأعمال النجارة والمصنوعات الخشبية. ويمكننا أن نجد الأعمال الخشبية في سوق “تشيكيجيلير” بأنواعها وأشكالها المختلفة.
ويستطيع زوار البلدة شراء مجموعة قيمة من الهدايا التذكارية المتميزة، من أدوات مطبخية وقوارب خشبية صغيرة.
ويمكننا كذلك استئجار قارب صغير للخروج في جولة قصيرة إلى جزيرة “تاوشانلي”، لرؤية مكان نزول الملكة آماستريس في البحر بمزخرفاته بالرخام والسلالم التاريخية، والذي يعرف اليوم باسم “الصخرة ذات السارية”.
عشرات الأماكن السياحية الجاذبة للسياحة
تعتبر البلدة من أبرز المناطق الجاذبة للسياحة الوافدة إلى منطقة البحر الأسود. وتضم عددا من الآثار التاريخية الفريدة، مثل الحمام العثماني، ونصب “بيديستين” التذكاري، والكنيسة الصغيرة، والنصب التذكاري لصخرة الطائر، وقلعة جنوة التاريخية، بالإضافة إلى كهف “جورجوأولوك” وشلالات “جولديريه”.
كما يمكن لزوار البلدة كذلك الاستمتاع بنزهة وسط الطبيعة في أحد الأماكن القريبة من البلدة، أو في قرية “جوزيلجيه حصار”، التي تضم أحد أجمل وأروع سواحل البحر الأسود.
إنها بلدة أماسرا… إنها لؤلؤة منطقة البحر الأسود.