إسطنبول (زمان عربي) – ارتكبت هيئة الرقابة وتنظيم الأعمال المصرفية التي تتلقى تعليماتها من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخصيًا فضيحة قانونيّة ليلة أمس حيث قامت بالاستحواذ على بنك أسيا أكبر بنك غير ربوي وثالث أقوى بنوك القطاع الخاص في البلاد.
وأعطت الهيئة المصرفية صندوق التأمين وضمان الودائع التركي الحق في إدارة البنك أو تحويل ملكية بعض أو كل أسهمه أو بيعه أو الاندماج مع مؤسسة مصرفية أخرى، علما بأن البنك يمتلك أعلى نسبة كفاية رأسمال بمعدل 18.3 في المئة وأعلن الأسبوع الماضي أن أرباحه بلغت 13 مليون ليرة تركية.
ويتعرض بنك آسيا منذ عامين تقريبًا لحملة افتراءات وتشوية من قِبل كل من الرئيس رجب طيب أردوغان ووسائل الإعلام المقربة من حكومة العدالة والتنمية في أعقاب عملية الفساد والرشوة التي تكشفت وقائعها في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013 التي طالت رموزًا كبيرة من الحكومة.
وكانت هيئة الرقابة وتنظيم الأعمال المصرفية عيّنت في 3 فبراير/ شباط الماضي إدارة جديدة في بنك آسيا بدعوى أن الشركاء الـ 185 المساهمين في البنك لم يقوموا بتقديم وثائق وأوراق ثبوتية وبيانات بشأن ملكية البنك، وعدد الأسهم ومقدار الحصص التي يمتلكونها والتي كانت قد طلبتها منهم الهيئة المصرفية خلال الفترة المسموحة لهم بها، بالرغم من أنهم أعلنوا عن تسليم 91 في المئة من الوثائق المطلوبة، إلا أنه بالرغم من ذلك صادرت البنك لدوافع سياسيّة وليست قانونية أو اقتصادية كما يُزعم.
وقال البروفيسور سامي كاراهان عضو هيئة التدريس في قسم قانون التجارة والأعمال المصرفية بكلية الحقوق جامعة مرمرة التركية: “لقد ولى عهد الحديث وفقا للمواد القانونية لأنه لم يعد هناك قانون ولا دستور، وحل مكانهما عصر العصابات ونظام الغصب والابتزاز. لقد انتهى الكلام والقانون، ولم يعد هناك معنى للحديث عن مواد قانون الأعمال المصرفية. وبنك آسيا في يد صندوق التأمين وضمان الودائع منذ أربعة أشهر، والمسؤولون يعلمون كل شيء حول البنك، ويعلمون أن الوضع المالي لبنك آسيا جيد، حيث أعلن البنك في الفترة الأخيرة أن أرباحه 13 مليون ليرة. ويعني كل ذلك أن مصادرة البنك ليست إجراء قانونيا، إنما هي عملية سياسيّة بحتة”.
وأبدى دوغان جانسيزلار الرئيس السابق لهيئة أسواق رأس المال ردة فعل على الفضيحة القانونيّة التي ارتكبتها هيئة الرقابة وتنظيم الأعمال المصرفية الذي انصاع للضغوط السياسية وقرر تخويل إدارة صندوق التأمين وضمان الودائع التركي الحق في إدارة البنك وتحويل ملكيته إن رأى ذلك، معتبرا هذا القرار تطورا غريبا للغاية.
وأضاف قائلا: “إن الأحداث التي وقعت حتى اليوم لا يمكن تقبلها بأي شكل من الأشكال من ناحية دولة القانون. إذ إن القرارات التي ينبغي ألا تحدث في دولة القانون يتم تنفيذها في تركيا. وكان ينبغي عدم السماح لمثل هذه المبادرات التي تمهد الأرضية لإفلاس بنك وطني بيد الدولة”.
وقال أوكتاي فورال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة القومية، ثاني أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، إن هذه مصادرة سياسية وليست اقتصاديّة. وأضاف: “الرئيس رجب طيب أردوغان هو أصلا الذي أصدر قرارا بمصادرة بنك آسيا، هذه إجراءات غير قانونية، والهدف منها إفلاس البنك وتهديد المواطنين. صادروا إدارة البنك قبل ذلك لأنهم لم يقدموا بعض الوثائق التي طلبتها الهيئة المصرفية، لكن لم يصادروا البنك. أين كنتم منذ 13 عاما؟ هذا البنك يواصل خدماته منذ 13 عاما في الفترة التي توليتم فيها حكم البلاد. وما هي الأعمال غير القانوينة التي أقدم عليها هذا البنك؟ لماذا لم تتخذوا خطوات بشأن ذلك من قبل وتغيروا إدارته؟ لماذا اتخذتم هذه الخطوة اليوم؟ سنسألكم دوما عن كل هذه الأمور. إن حزب العدالة والتنمية معاد للحريات والديمقراطية. لم يبق أي أثر من مبدأ سيادة القانون. ولا يمكن الحديث أيضًا عن حيادية وعدم انحياز القضاء لأنه تمت السيطرة عليه كذلك”.