علي بولاج
احتشد الفلسطينيون المقميون في تركيا يوم 15 مايو/ أيار الجاري أمام القنصلية الإسرائيلية في إسطنبول للاحتجاج في الذكرى السابعة والستين لقيام دولة إسرائيل والتي يسمونها بالنكبة.
وأدلى المشاركون في الوقفة بتصريح انتقدوا فيه مطالبة السلطات التركية للفلسطينيين بالحصول على التأشيرة لدخول تركيا في حين أن أنقرة تعفي الإسرائيليين من ذلك ولا تفرض عليهم التأشيرة. ونشرت وكالتا دوغان وجيهان التركيتان للأنباء الخبر الخاص بانتقادات الفلسطينيين ونقلتا عنهم قولهم: “نحن نريد من السلطات التركية إلغاء ضرورة حصول الفلسطينيين على تأشيرة لدخول تركيا من أجل إعادة اعتبار جواز السفر الفلسطيني ومكانة الشعب الفلسطيني. لذلك يجب إعفاء الفلسطينيين من هذه التأشيرة وليس الصهاينة، فلا يمكن لهؤلاء أن يدخلوا تركيا ويتجولوا فيها كيفما شاؤوا. بل يجب أن يتجول الفلسطينيون في تركيا بحرية”.
كتبت ما يلي في مقالي المنشور يوم 25 مايو/ أيار الجاري: “تركيا لا تفرض تأشيرة الدخول على الإسرائيليين، فهم يتمكنون من القدوم إلى تركيا في غضون ساعات إذا ما أردوا ذلك. لكن لماذا لا تعفي تركيا الفلسطينيين من الحصول على هذه التأشيرة أيضاً؟ بل دع عنك ذلك فهناك إجراءات عديدة تجعل إمكانية حصول فلسطيني عادي على تأشيرة دخول تركيا أمرًا مستحيلًا. فعلى سبيل المثال من ضمن الشروط:
أ – أن يكون لديه حساب بنكي به 3 إلى 5 آلاف دولار.
ب – تقرير طبي.
ج – شهادة أمنية.
فعندما تصنف الحكومة الإسرائيلية شخصًا على أنه “إرهابي” لأنه شارك في عملية إلقاء حجارة على جنودها أو نظر نظرة اشمئزاز إلى جندي من جنودها فلا يمكن له أن يحصل على الشهادة الأمنية.
أما بالنسبة للطلبة، فتركيا تفرض عليهم “شهادة القبول”. وفي نهاية المطاف نظم الفلسطينيون مظاهرة للاحتجاج على هذه الإجراءات. وأسألكم يا أيها الكتّاب المناصرين للحكومة التركية: ما تفسيركم لذلك؟ ففي الوقت الذي تستمر فيه العلاقات التجارية والدفاعية والاقتصادية مع إسرائيل على أعلى مستوى ويمنع الفلسطينيون من زيارة تركيا، كيف يبكي البعض على حال فلسطين في تركيا إذن؟!
أما سبب كتابتي هذا المقال فهو المظاهرة التي نظمها الفلسطينيون في إسطنبول بينما كنت أزور القدس. ولم أكن أعلم أن تركيا تفرض تأشيرة دخول على الفلسطينيين. وعندما سألت زوّدني الفلسطينيون أنفسهم بالمعلومات التي سردتها أعلاه. لكن تجد أن الإعلام الموالي للحكومة لم تترك شيئًا لم يقله وكتب زورًا أنني كذبت وافتريت، مع أن الحقيقة ما ذكرته.
إن السطور التي أنقلها أدناه هي انطباعات لمراسلنا “سركان صاغلام” التي يعرف المسألة بشكل جيد: “من يرغب في زيارة تركيا من أهل غزة يتقدم بطلب في البداية إلى القنصلية العامة التركية في القدس. ولو جاءه رد إيجابي بعد فحص يستمر لشهور، يستطيع أن يسافر إلى تركيا عبر معبر رفح المفتوح على مصر التي بدأت تدقق في الآونة الأخيرة في سفر الفلسطينيين عبر أراضيها إلى تركيا بعد الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين القاهرة وأنقرة. أما الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية فيستطيعون عقب إتمام إجراءات التأشيرة أن يسافروا إلى تركيا إما عن طريق الأردن أو عن طريق إسرائيل لو كان لديهم إذن بذلك. ومن يريد مغادرة قطاع غزة يمكن توفير إقامة لمدة أسبوعين على أقصى تقدير. فلو فتح معبر رفح اليوم وقيل “من يريد أن يغادر غزة فليغادرها” سيغادر القطاعَ 90% من سكانه”.
أعوذ بالله أن أفتري على أحد. فاليوم في ظل أجواء الصراع التي نعيشها لا يتورع البعض عن مهاجمة خصومه بكل ما أوتي. فأنا أعتبر أن الكذب والافتراء شيئان قذران. فلو كان هناك عدو لدود لي لما ألقيت عليه هذا القذر لتتلوث يداي.
والشيء الوحيد الذي يجب فعله في مثل هذه الظروف هو إصدار وزارة الخارجية تصريحًا. هل تفرض تأشيرة الدخول على بعض الفلسطينيين أو كلهم أم لا؟ ولو أن هناك إجراء كهذا فما هي شروط الحصول على التأشيرة؟ فلتتفضل الخارجية التركية بالتوضيح حتى يعلم الجميع.
فلو أعلنت وزارة الخارجية التركية أنها لا تفرض تأشيرة دخول على الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة والقدس والضفة الغربية وإسرائيل فهذا يعني أن من زودوني بمعلومات حول هذا الأمر في القدس، والفلسطينيين الذين نظموا تظاهرة في إسطنبول يقولون شيئًا مخالفًا للحقيقة. وحينها سأعترف بأنني لم أقم بواجبي على النحو الأمثل وسأعتذر عن ذلك. ولو لم يكن الأمر كذلك فأنا أحيل حساب أولئك الذين نالوا مني بالكلام الكاذب إلى يوم الدين، ذلك أنني سأكون أنا الرابح في الحساب هناك إن شاء الله تعالى.
وإذا انتقلنا بالحديث إلى موضوع سوريا ومصر! فقد كتبت منذ اليوم الأول أن تركيا ستجر سوريا نحو الهاوية، وأنها وجَّهت جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى الاتجاه الخاطئ. ولم أخطئ في أي نقد وجهته في هذا الصدد. ولم أتلق أي رد على انتقاداتي لا من الحكومة أو الكتاب المؤيدين لها. وجاءت انتقادات مشابهة من وزير الخارجية الأسبق يشار ياكيش والمحلل الخبير بشؤون الشرق الأوسط خلوق أوزدالجا. راجعوا المقال الأخير لأوزدالجا المنشور في جريدة زمان لتعرفوا آخر نقد وجهه بشأن الموضوع. ومن يرغب في الرجوع إلى الانتقادات التي وجهتها فليراجع كتابي المؤلف من مجلدين والذي يحمل اسم “من الشرق الأوسط إلى الاتحاد الإسلامي” المنشور قبل 3 أشهر. (وللاطلاع على الانتقادات الموجهة فيما يتعلق بالأزمة السورية راجعوا: المجلد الأول، ص: 708 – 779، وفيما يتعلق بالأزمة المصرية راجعوا: المجلد الأول، ص: 780 – 800، إسطنبول 2015).