نازلي إيليجاك
كتب عبد القادر سلفي الصحفي بجريدة”يني شفق” الموالية لحكومة حزب العدالة والتنمية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن المبالغة في إظهار المحبة لأردوغان ألحقت الضرر بحزب العدالة والتنمية في إشارة منه إلى أدهم سنجق صاحب إحدى المجموعات الإعلامية الموالية لأردوغان ويغيت بولوت المستشار الاقتصادي الأعلى لأردوغان. وذكر في الوقت نفسه أن هؤلاء سيكونون من بين أوائل الذين سيتخلون عن أردوغان في الأوقات الحرجة.
وانزعج الصحفي “أحمد كاكتش من جريدة “ستار” (Star) الموالية للحكومة من هذا الانتقاد. فذكّر عبدَ القادر سلفي قائلاً: “لماذا تضع هذين الشخصين فقط في فوهة المدفع. فثمة أشخاص آخرون كذلك” وهو محق في ذلك. فالذين تنافسوا في جعل أردوغان “رجلاً صنماً” لا يقلون عن أدهم سنجق. وإليكم بعضَ الأمثلة:
نائب العدالة والتنمية عن مدينة بورصا حسين شاهين: “برأيي أن ملامسة رئيس الوزراء أردوغان عبادة” (أردوغان كان رئيس وزراء حينها)
- نائب العدالة والتنمية عن مدينة دوزجا فوزي أرصلان: “إن زعيمنا يتصف بجميع الصفات التي يتمتع بها الله تعالى”.
- رئيس بلدية تشايلي في ريزا رضا تشاكير: “لا يجوز وضع التليفزيون على الأرض إذا ظهر فيه رئيسنا أردوغان”.
- مستشار النشر في قناة (A Haber) أتيلغان بايار: “أنا أعتبر أردوغان خليفة وأبايعه”
- رئيس فرع العدالة والتنمية في أيدين إسماعيل أسر: “إن رئيس الوزراء أردوغان كرسولٍ ثانٍ”
- نائب العدالة والتنمية عن إسطنبول أوكتاي سارال: “لقد فُرضت علينا صلاة ركعتين يوميا لأن الله بعث فينا رئيس وزراء لا يخاف أمريكا ولا يأبه بأحد وجعل إسرائيل تقدم الاعتذار”
من أين يعلم أدهم سنجق ذلك. لقد قال في نفسه إن هذه هي العادة السائدة في صفوف العدالة والتنمية الحاكم فغالى في إطراء أردوغان: “فقد لاحظت ولمست نزاهة أردوغان وشجاعته فعلاً. وكلما لمستُ ذلك منه ازددت حباً وعشقا له. وفي الحقيقة أنني في الأيام التي كنت أتبنى الفكر اليساري ما كنتُ أجد أي معنى للعشق الذي ساد بين جلال الدين الرومي وشمس التبريزي. ولكنني بعد أن عرفت أردوغان أدركت ذلك العشق. ويمكن أن يوجد هذا العشق الإلهي بين رجلين أيضاً”.
لكن فوق كل ذي علم عليم! حيث إن نائب العدالة والتنمية ياسين أقطاي زاد من إطراء أردوغان فجعل من أنشودة دينية تتضمن معاني الصلاة على مفخرة الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلّم أداة لمدح أردوغان. لكنه اتهم الجميع بالجهل وقال إن ذلك من العادات المتبعة في منطقته.
وأنا بدوري سألت النائب السابق عن ديار بكر عبد الباقي أردوغموش الذي يعرف تلك المنطقة جيدا، فقال: “يمكن أن يكون ذلك بين مشايخ الطرق الصوفية أثناء الأجواء الروحانية في حلقات الذكر”. (بينما كان أقطاي حوّل أنشودة دينية تتضمن معاني الصلاة على الرسول عليه السلام إلى أغنية.. وغنّاها بين أنصار العدالة والتنمية وأمام مجموعة من السيدات اللائي شاركنه في أغنيته، وليس في حلقات الذكر!).
وأضاف أردوغموش في إجابته: “فحين يتم مدح المشايخ أو المرشدين بكلمات مثل أنت عالم، وأنت شفيع، يقوم الناس بالصلاة عليهم. وحتى هذا الأمر ينتقده علماء الدين. ولم أرَ تطبيقاً آخر لهذه العادة سوى الحالة التي ذكرتها”.
وخلاصة القول: فإن ما ذكرته آنفاً ليس إلا صورة من صور استغلال المشاعر الدينية وتحويل الإسلام إلى أداة سياسية والمبالغة في الإطراء. يا له من تغيير أجرته الدنيا الدوّارة الطحّانة (السياسة) على أردوغان ومؤيدي العدالة والتنمبة! فقد كان أردوغان يعبّر عن انزعاجه من تحويل القادة والزعماء إلى “أصنام” عام 2001، لكنه اليوم أصبح لا يعترض حتى على مبايعته! نعم كان لزعيم حزب الرفاه الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان حكم مطلق على حزبه، وما كان لأحد أن يعارضه، كما هو الحال لدى الأحزاب الأخرى. لكنني لم أسمع من صلى على أربكان عند ذكر اسمه، ولم أسمع من يقول “لقد اجتمعت في أربكان كل صفات الله تعالى” كما لم أسمع من يقول: “يجب أداء ركعتين في كل يوم شكرا لأربكان”.