أنقرة (زمان عربي) – عقب الكشف عن طلب المدعي العام بمكتب متابعة الجرائم المرتكبة ضد النظام الدستوري في العاصمة أنقرة سردار جوشكون بإسكات الإعلام الحر الذي يعد صوت شريحة عريضة من المجتمع تحوّلت الأنظار إلى المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم الذي لم يحرك ساكنًا أو يتخذ أية خطوة حازمة حيال هذا المطلب الذي وصفته أوساط مختلفة بأنه” فضيحة” بحق الدستور والقانون.
ولا تزال الأوساط المختلفة في تركيا تترقب معرفة الموقف الذي سيتخذه المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم حيال هذا الطلب المنافي للدستور، لاسيما بعد أن سارع من قبل بإبعاد العديد من المدعين العموم من وظائفهم وأصدر تعليمات باعتقال القضاة عن طريق التقرير الذي أعدّه خلال ثلاثة أيام استنادا لأسباب لا أساس لها من الصحة.
ومما زاد من الدهشة هو أن المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم لم يتخذ حتى الآن أية إجراءات قانونية تجاه المدعي العام جوشكون صاحب هذه التعليمات غير القانونية التي لاقت ردة فعل كذلك من شخصيّات كبيرة بالدولة مثل رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ووزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، علمًا بأن القضاة والمدعين العموم الذين يستهدفهم الرئيس رجب طيب أردوغان تتم معاقبتهم على الفور واتخاذ إجراءات رادعة بحقهم.
وأقال المجلس في الأيام القليلة الماضية المدعين العموم الذين كشفوا وحققوا في أعمال الفساد والرشوة التي طالت رموزًا كبيرة من حكومة العدالة والتنمية وتكشفت وقائعها في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013 بالرغم من عدم وجود أية أدلة قانونية ملموسة. إلا أنه برّر قرارات الإقالة غير القانونية بذريعة “تقويض شرف المهنة والإضرار بسمعة المنصب الرسمي”.
وكان المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم قام عقب الكشف عن عمليات الفساد مباشرة بنقل عدد كبير من المدعين العموم إلى أماكن نائية بذريعة “الإخلال بالحيادية”.
وتتصاعد المطالبات الآن بمساءلة جوشكون بسبب مطالبته بإسكات الإعلام الحر التي ضربت بكل من الدستور والقوانين التركية والدولية عرض الحائط، وكذلك الأعمال الخارجة على القانون التي ارتكبها في وقت سابق عندما شارك في التوقيع على قرارات تصنيف الأشخاص حسب توجهاتهم وانتماءتهم إلى جانب القرارات الأخرى.
وتشكّلت في الآونة الأخيرة حملة قمع ممنهجة ضد القضاة والمدعين العموم في تركيا باستثناء القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم. حيث تم اعتقال القضاة الذين وافقوا على طلبات رد القضاة لكل من هدايت كاراجا رئيس مجموعة “سامان يولو” الإعلامية التركية و62 من قيادات الأمن المعتقلين بسبب التقارير التي أعدها مفتشو مجلس القضاء بناءً على تعليمات صادرة لهم من الحكومة وأردوغان.
واللافت أن تقرير المجلس المعدّ بحق القضاة الذين تمّ اعتقالهم لمجرد القرارات التي أصدروها وردت فيه تعبيرات مضحكة للغاية مثل “لوحظ أن هؤلاء القضاة يتصرفون داخل منظومة فكرية واحدة مع بعض الأشخاص المشتبه فيهم”.
وهناك ضحايا آخرون لتقارير مجلس القضاء السياسية وهم المدعون العموم الذين تولوا مهمّة توقيف الشاحنات التابعة للمخابرات التركية في مدينة أضنه جنوب البلاد التي تبين لاحقًا أنها كانت تحمل أسلحة لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا، ووجهت لهم تهمة “محاولة الانقلاب على الحكومة” الواردة في القوانين.