يقف مجمع المخابرات العراقية السابق -الذي تركت أعيرة نارية آثارها على جدرانه- صامدا في وسط مدينة السُليمانية بكردستان العراق لتذكير الشعب الكردي بمعاناته في ظل حُكم الرئيس الراحل صدام حسين.
جرى تحويل المبنى الذي شُيِد في عام 1979 كمقر لمخابرات صدام حسين ويُسمى بالكردية آمنة سوركه إلى متحف في عام 2000 في إطار مشروع قادته هيرو الطالباني عضوة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وزوجة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني ليكون واحدا من أوائل المتاحف من هذا النوع في الشرق الأوسط.
يتكون المُجمع من عدد من المباني التي استُخدمت فيما مضى كمكاتب لجهاز المخابرات وغُرف تعذيب وزنازين للحبس الانفرادي.
ومنذ تحرير المجمع أثناء انتفاضة الأكراد في أعقاب حرب الخليج الأولى في عام 1991 تُركت مبانيه كما هي وثقوب الرصاص على واجهاته ذات اللون الأحمر الباهت كدليل على قصص تعذيب عاشها الشعب الكردي قبل 30 عاما.
وتركت قوات صدام حسين في فناء المجمع مركبات عسكرية -يعلوها الصدأ الآن- بينها دبابات وقطع مدفعية.
ويرافق مرشدون الزوار في غرف المجمع التي كان رجال صدام يحتجزون فيها ألوف الأكراد ويعذبونهم.
وتُعرض في غرف ذات ضوء خافت تماثيل و أدوات تُوضح أساليب التعذيب التي كان يتبعها أفراد جهاز مخابرات صدام مع سجنائهم.
وقال موظف في المتحف يُدعى دلشاد مجيد “المتحف به بعض الأقسام الفريدة التي لا يوجد مثيل لها في أي متحف بالشرق الأوسط. فبالإضافة للزنازين يوجد في المتحف قاعات مُخصصة للأحداث المأساوية التي عايشها أكراد بينها حملة الأنفال والخروج والانتفاضة إضافة لأقسام أخرى مخصصة لأسلحة وزي البشمركة وتراث وثقافة الأكراد. نعمل كذلك على افتتاح قسم جديد يخصص لوثائق جهاز مخابرات النظام الأسبق (نظام صدام حسين).”
وقال سجين سابق في المعتقل يُدعى كاميران قرداغي “أنا زائر متكرر لهذاالمكان لأنه أصبح جزءا من ذاكرتي. المبنى به كثير من الذكريات الحلوة والمرة بالنسبة لي. كنت سجينا هنا وشهدت تحريره أيضا. عيادتي تُشرف عل المبنى وعادة ما أنظر له من النافذة وأتذكر الأيام التي قضيتها مسجونا هنا. هذه الذكريات جزء من الماضي الخاص بي كما أنها ساهمت في تشكيل مستقبلي أيضا.”
أضاف قرداغي الذي أمضى ستة أشهر في هذا المعتقل قبل تحريره عام 1991 “تحويل المبنى إلى متحف كان فكرة جيدة. كل من يعيشون في السليمانية يعرفون أن آمنة سوركه (مبنى الأمن الأحمر) رمز للقمع. لكننا نقف هنا اليوم ونتحدث بحرية وهذا يجب أن يكون درسا للجميع.”
وكان قرداغي في الثانية والعشرين من العمر وطبيب حديث التخرج عندما سُجن عام 1990 بتهمة التعاون مع البشمركة. وغادر العراق إلى النرويج عام 1992 قبل أن يعود عام 2012.
ويضم المتحف قاعة لتكريم الأكراد الذين قتلوا أثناء حملة الأنفال. وتُقام هذه القاعة من قطع المرايا المُكَسرة والمصابيح التي يماثل عددها عدد كل من لاقوا حتفهم اثناء الحملة.
وقال موظف في المتحف يُدعى دالور عريف “هذا القسم اسمه الكهف. الجدران زُينت بقطع مرايا والسقف بمصابيح كهربائية. عدد قطع المرايا يبلغ 182000 وهو يماثل عدد الأكراد الذين قتلوا أثناء حملة الأنفال التي شنها نظام حزب البعث (نظام صدام حسين) في عام 1988. ويبلغ عدد المصابيح الكهربائية 4500 بما يماثل عدد القرى التي دمرها نظام البعث.”
ويزور المتحف كثيرون من الصغار والكبار. ويلتقط بعض الزوار صورا للمكان.
وقال اكو غريب مدير المتحف “الزائرين طبعا مختلفين. يتكون من مجموعة نقدر نقول مثلا.. مجموعة منهم الطلاب الجامعيين والطلاب في المرحلة الابتدائية والثانوية يأتون والوفود..الأجانب أو العراقيين أو الايرانيين يجيئون لزيارة آمنة سوركه.”
ويتمتع اقليم كردستان في العراق بحكم ذاتي شبه مستقل منذ عام 1991.
خدمة الشرق الأوسط التلفزيونية