سلجوق جولطاشلي
ربما سينظَر بعد سنوات إلى الانتخابات البرلمانية التي أجريت في بريطانيا منذ أيام من خلال نتيجتين رئيستين:
النتيجة الأولى: في الوقت الذي بقيت فيه ساعات معدودة على موعد إجراء الانتخابات، ما السبب الذي جعل شركات استطلاع الرأي التي أظهرت حزب المحافظين الحاكم وحزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة، على مستوى متقارب جدا أخفقت في تخميناتها؟ إذ كان الفارق بنحو 100 مقاعد في البرلمان بين حزب المحافظين، الذي فاز بالانتخابات، وحزب العمال. حتى أكثر المتسامحين في الأخطاء يعجزون في سبب تفسير هذا الفارق الشاسع.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] يعتقد الواحد منا أنه يجب على السياسيين في تركيا أن يأخذوا الدروس والعبر من هذه التجربة (الانتخابات البرلمانية ببريطانيا) لا سيما وأنهم يكرهون الاستقالة ويعتبرون أنها “ضعف” وأنها تجعل من السياسيين “المنزهين عن الأخطاء”(!) أناسًا “فانيين وعاديين”.[/box][/one_third]النتيجة الثانية: فهو استقالة جميع قادة أحزاب المعارضة والدرس الذي لقنوه في الأخلاق السياسية. ففي الوقت الذي اعترف فيه زعماء حزب العمال والحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي كان شريكًا في الحكومة الائتلافية السابقة، بتحملهم المسؤولية الكاملة عن هذه الهزيمة التاريخية، واستقالوا من مناصبهم لإفساح الطريق أمام من سيأتون من بعدهم، فقد حزب الاستقلال، المناوئ للاتحاد الأوروبي، زعيمه كذلك بالرغم من رفعه لنسبة الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات. وقد أعلن رئيس حزب الاستقلال صاحب الشخصية الكاريزمية ناجيل فاراج استقالته موفيا بوعده بالاستقالة في حالة عدم النجاح في الانتخابات.
ويعتقد الواحد منا أنه يجب على السياسيين في تركيا أن يأخذوا الدروس والعبر من هذه التجربة لا سيما وأنهم يكرهون الاستقالة ويعتبرون أنها “ضعف” وأنها تجعل من السياسيين “المنزهين عن الأخطاء”(!) أناسًا “فانيين وعاديين”.
تحمل نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية إشارات يمكن أن تفتح الباب أمام نتائج مهمة كذلك من ناحية الاتحاد الأوروبي. وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لم يتحمل الضغوط التي يمارسها عدد لا يستهان به من السياسيين الذين يمكن أن ننعتهم بـ”الكارهين للاتحاد الأوروبي” الذين يوجدون في حزبه بشكل تقليدي، وقدَّم وعدًا بالاستفتاء على مواصلة العضوية بالاتحاد أو الانفصال عنه، وأصبح كاميرون مضطرًا للإيفاء بهذا الوعد حتى نهاية عام 2017.
لاشك في أن الضعف الذي أصاب حزب الاستقلال وخروجه من مضمار سباق الانتخابات وتعزيز قوة كاميرون داخل حزبه وموقف عالم الأعمال المؤيد للاتحاد الأوروبي سيؤثر في نتيجة ذلك الاستفتاء، غير أن بريطانيا ستبدأ اعتبارًا من هذه اللحظة مناقشة محمومة حول إيجابيات الاتحاد الأوروبي وعيوبه.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] هناك كثيرون يعترضون على نيل تركيا عضوية الاتحاد الأوروبي بإشارتهم إلى مَن يدعم هذه الوتيرة هي بريطانيا فقط. وإذا وضعنا في اعتبارنا كذلك أن عملية التفاوض بين بروكسل وأنقرة قد توقفت بالفعل حاليًا سنجد أن دعم بريطانيا لهذه الوتيرة ليس له معنى كبير.[/box][/one_third]علينا ألا نعتقد أن بروكسل ستحزن كثيرًا إن أعرب سكان المملكة المتحدة عن رغبتهم في الانفصال عن الاتحاد الأوروبي نهاية عام 2017. ففي الوقت الذي تعتبر فيه بريطانيا ليست جزءًا من نظام التأشيرة الموحدة” شنجن” (Schengen) والعملة النقدية المشتركة اليورو، والتي لا يزال النقاش دائرًا حول كونها تمتلك العضوية الكاملة بالاتحاد أم لا، فإن انفصالها عن الاتحاد الأوروبي ربما يسعد الراغبين في أن تعزز الاتحاد مؤسساته ليصبح كيانًا فيدراليًا.
وإذا نظرنا إلى بريطانيا وتوجهها نحو تركيا سنرى أنه من المعلوم أنها من أقوى داعمي عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي. ومع أن هذا الدعم ليس محسوسًا على أرض الواقع، فالدبلوماسيون الأتراك لا يستهينون به. غير أن نقاشًا دائرًا حول ما إذا كان الدعم الذي تقدمه بريطانيا، التي يدور نقاش حول عضويتها الكاملة بالاتحاد الأوروبي والتي تعتبر أكثر قربًا إلى واشنطن منها إلى بروكسل، سيفيد بشيء أم لا.
علينا ألا ننسى كذلك أن هناك كثيرين يعترضون على نيل تركيا عضوية الاتحاد الأوروبي بإشارتهم إلى مَن يدعم هذه الوتيرة هي بريطانيا فقط. وإذا وضعنا في اعتبارنا كذلك أن عملية التفاوض بين بروكسل وأنقرة قد توقفت بالفعل حاليًا سنجد أن دعم بريطانيا لهذه الوتيرة ليس له معنى كبير.
أما النتيجة الأخرى التي تمخضّت عنها الانتخابات البريطانية وتهم تركيا، فهي النجاح الاستثنائي الذي حققه الحزب القومي الاسكتلندي الانفصالي. وربما يكون حصول هذا الحزب على 56 من أصل 59 مقعدًا في اسكتلندا، الشهيرة بأنها القلعة التقليدية لحزب العمال، سببًا في تكرار طرح مسألة استقلال اسكتلندا من جديد، الأمر الذي ربما يؤثر في دول تنشط بها الحركات الانفصالية بشكل كبير كتركيا وإسبانيا.