القدس 8 مايو أيار (رويترز) – أجج قيام بنيامين نتنياهو بتشكيل واحدة من أكثر الحكومات ميلا لليمين في تاريخ إسرائيل قلق أوروبا والولايات المتحدة من حدوث المزيد من النشاط الاستيطاني وتضاؤل فرص السلام.
لكن ذلك أثار أيضا قلق الدبلوماسيين إزاء مقترحات السياسة الإسرائيلية الأوسع خاصة ما يتصل منها بالشؤون الاجتماعية والقضائية التي يصر حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف والعضو المؤثر في ائتلاف نتنياهو على وضع بصمته عليها.
ضمن حزب البيت اليهودي القومي المتطرف الذي يقوده المستثمر السابق في قطاع التكنولوجيا نفتالي بينيت حقيبتين مهمتين في الحكومة الجديدة إحداهما وزارة التعليم ويهود الشتات والثانية وزارة العدل وستتولاها آيليت شاكيد التي تعد رقم اثنين في الحزب.
وشاكيد (39 عاما) مهندسة كمبيوتر سابقة وهي شخصية مثيرة للانقسام في السياسة الإسرائيلية بتعليقاتها الحادة ضد الفلسطينيين والترويج لسياسة الاستيطان.
ومنذ دخولها الكنيست في 2013 ساندت عددا من مشروعات القوانين المثيرة للجدل بينها مشروع يغير هوية إسرائيل إلى دولة يهودية ويثير بالتالي غضب العرب البالغة نسبتهم 20 في المئة من سكان إسرائيل. وتريد شاكيد أيضا تقييد سلطة المحكمة العليا وفرض قيود على المنح المقدمة من حكومات دول أجنبية إلى منظمات المجتمع المدني في إسرائيل.
وكوزيرة للعدل ستكون في وضع يجعلها تدفع مشروعات القوانين هذه بقوة أكبر. ومن المتوقع أن يمضي مشروعا القانونين الخاصين بتقييد المنح الأجنبية للمنظمات غير الحكومية وتقييد سلطة المحكمة العليا قدما.
ويثير هذا في نفوس الدبلوماسيين الأجانب قلقا من المسار الإسرائيلي لا يقل حدة عن القلق من التوسع الاستيطاني على أراض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.. تلك النقطة مثار الخلاف العميق الطويل بين الطرفين.
وقال سفير دولة عضو في الاتحاد الأوروبي “الخطوط الحمراء بالنسبة لنا ليست بشأن المستوطنات فحسب.”
وأضاف “عندما تنظر إلى بعض التشريعات المطروحة تجدها مثيرة جدا للقلق. إنها مناهضة للديمقراطية ويبدو أنها صيغت لإغلاق أبواب النقد. إنها أشبه بتلك الأشياء التي تخرج في العادة من روسيا.”
* مدعاة لاتخاذ إجراءات
عبر الدبلوماسيون الأمريكيون عن قلق أيضا لكنهم شددوا على ضرورة الانتظار إلى أن يتضح موقف التشريعات. فمع وجود أقل أغلبية حاكمة على الإطلاق -61 مقعدا فقط من مقاعد الكنيست المئة والعشرين- سيكون تمرير مشروعات القوانين الجديدة بمثابة تحد لنتنياهو.
فإقرار مشروع قانون يهودية الدولة الذي ربما يكون أصعب مشاريع القوانين في تاريخ إسرائيل القريب يبدو غير مرجح لأن أحد أعضاء الائتلاف وهو موشي كاحلون رئيس حزب (كلنا) الذي ينتمي لتيار الوسط يتمتع بحق نقض فعلي.
أما مشروعا قانوني المنظمات غير الحكومية والرقابة القضائية فأمامها فرصة أفضل إذ من المرجح أن يؤيديهما أفيجدور ليبرمان زعيم حزب (إسرائيل بيتنا) اليميني المتطرف الذي كان حليفا لنتنياهو قبل أن يتحول إلى صفوف المعارضة.
وسيفرض قانون المنظمات غير الحكومية ضريبة كبيرة على المنح الأجنبية للمنظمات غير الحكومية العاملة في إسرائيل إلا إذا قررت لجنة خاصة في وزارة الدفاع غير ذلك.
وقال مات داس رئيس مؤسسة سلام الشرق الأوسط التي تتخذ من واشنطن مقرا لها “إنه جزء من مسعى أكبر لتقليص الحيز السياسي وإسكات الآراء المعارضة.”
ومضى قائلا “هذا يحمل دلالات سلبية للغاية. إنه يخلق مناخا مناوئا لمن يعبرون عن نقد مشروع وسيضع إسرائيل في مصاف أطراف في غاية السوء.”
وفي أوروبا يناقش المسؤولون الخطوات التي يمكن اتخاذها حيال إسرائيل إذا استمرت في توسيع المستوطنات وهي عملية تمضي على قدم وساق بالإعلان هذا الأسبوع عن مناقصات لبناء 900 وحدة سكنية في القدس الشرقية المحتلة.
وكثيرا ما يخشى الإسرائيليون أن تفرض أوروبا مقاطعة تجارية عليهم. لكن مثل هذا الإجراء غير مرجح.
غير أن الاتحاد الأوروبي يفرض قيودا على القروض لهيئات الأبحاث التي يقع مقرها في الضفة الغربية المحتلة ويتحرك قدما فيما يتعلق بخطط لوضع علامات على المنتجات الإسرائيلية المصنعة في مستوطنات الضفة الغربية. وهناك إجراءات أخرى تناقش في هدوء.
كان ما يؤذن بالمضي في مثل هذه الإجراءات من قبل هو بناء المستوطنات الذي يعتبره الاتحاد الأوروبي مخالفا للقانون الدولي. لكن الأجندة التشريعية الإسرائيلية الآن يمكن أن تمثل نفس الخطر.
قال سفير الدولة الأوروبية “إنها تثير قلقا عميقا لدينا… هي من تلك الأشياء التي تمثل خطا أحمر.”