في خطوة لعلها الأولى من نوعها في تاريخ القانون العالمي، أقدمت السلطات التركية على اعتقال القاضي في الدائرة الـ29 للمحكمة الجنائية في مدينة إسطنبول متين أوزتشاليك، لمجرد الأحكام القضائية التي أصدرها بموجب صلاحياته الدستورية والقانونية، وذلك على الرغم من أن الدستور ينصّ على “عدم إمكانية محاكمة القضاة جراء أحكامهم القضائية تحت أي ظرف أو ذريعة”.
فقد أصدرت محكمة الجنايات في منطقة باكير كوي بمدينة إسطنبول قراراً باعتقال القاضي متين أوزتشاليك خضوعاً للضغوطات التي مارسها كل من الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية، وذلك لأنه قضى بالإفراج عن رئيس مجموعة سامانيولو الإعلامية هدايت كاراجا ومجموعة من قيادات ورجال الأمن المشرفين على تحقيقات فضائح الفساد والرشوة الكبرى التي ظهرت إلى العلن في الـ17 والـ25 ديسمبر من عام 2013.
وأثارت هذه الفضيحة القانونية الأولى من نوعها في تاريخ القانون التركي، وربما العالمي أيضاً، ردود فعل كبيرة لدى الأوساط القضائية والسياسية المختلفة، معتبرة إياها انتهاكاً صارخاً لمبادئ الدستور والقانون الدولي.
وكانت السلطات قد أحالت كلاً من متين أوزتشاليك ومصطفى باشر من قضاة المحكمة الجنائية في إسطنبول إلى محكمة الجنايات بطلب اعتقالهما، وذلك بعد أن أنزلا حكماً بسحب ملف قضية ما سماه الرأي العام في تركيا “الانقلاب على الإعلام الحر” من دوائر الصلح والجزاء التي أسسها أردوغان لمطاردة ومحاكمة المعارضين، وبإخلاء سبيل هدايت كاراجا والقيادات الأمنية الذين أشرفوا على تحقيقات الفساد.
وفي أعقاب ذلك أصدرت محكمة الجنايات مساء أمس الخميس تحت “الضغوطات السياسية” قراراً باعتقال القاضي متين أوزتشاليك، فيما تستمر حالياً عملية أخذ إفادات القاضي الآخر مصطفى باشر بتهمة أنه أصدر قرار الإفراج المذكور.