لأول مرة في تاريخ تركيا، يعتقل قاض بسبب حكم أصدره في المحكمة.
ماتين أزتشليك قاض في محكمة جنائية تم اعتقاله صباح التاسع والعشرين واحتجازه ليلاً من قبل محكمة الجزاء الكبرى الثانية.
كما تم استصدار قرار من المحكمة لاعتقال قاضٍ ثان اسمه مصطفى باشر، إلا أنه لم يحضر المحكمة لتواجده خارج البلد. وقد صرح هذا الأخير عبر صفحته الألكترونية تويتر أنه في زيارة لحضور حفل زفاف.
رغم علمه بقرار اعتقاله عاد مصطفى باشر إلى تركيا ولم يحاول الهرب حسب ما أفاد وصرح: “أعتقد أنه سيتم اعتقالي، لكنني ذاهب إلى المحكمة رغم علمي بذلك، لا يمكن وصفي بالهارب، فأنا ذاهب من تلقاء نفسي”.
مصطفى باشر الذي قدم إلى قصر العدالة قال إنه مرتاح الضمير والوجدان.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يتم اعتقال هذين القاضيين؟ السبب غريب ولكنه واقع حقيقي: فهذان القاضيان هما من وقعا قرار إخلاء سبيل كل من هدايت كراجا رئيس مجموعة سمانيولو الإعلامية و63 شرطيا كشفوا فضائح الفساد والرشوة الذين ما زالوا قيد الاعتقال حتى الآن.
وكان القاضي متين أوزتشليك وافق على طلب محامي هدايت كراجا ورجال الشرطة بالإفراج عن موكليهم، والقاضي مصطفى باشر قام بإصدار قرار الإفراج.
إلا أن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو تدخلا بشكل مباشر في القضية. إذ أصدر أردوغان وأحمد داود أغلو مباشرة بعد إصدار قرار الإفراج عن كاراجا والشرطيين يوم الجمعة الماضي أوامرهما للهيئة العليا للقضاة والمدعين العامين لإجراء التحقيقات مع كل من القاضيين. وادعى كل من أردوغان وداود أغلو أن القاضيين عضوان تابعان لمنظمة إرهابية، ثم ألغيت قرارات كل منهما وتوقيف تنفيذها ولم يتم بناء على ذلك إخلاء سبيل كل من كراجا والشرطيين.
وكان أردوغان قد أبدى انزعاجه من تأخر اجتماع الهيئة العليا للقضاة والمدعين العامين يوم الاثنين الفائت بسبب عطلة نهاية الأسبوع، مما يعتبر تدخلاً غير قانوني، وما زاد الأمر غرابة اعتذار الهيئة من أردوغان بسبب تأخر اجتماعها وإبعاد القاضيين.
وقد تمخض عن اجتماع الهيئة وبشكل سريع إبعاد القاضيين من عملهما وإصدار قرار باعتقالهما واستدعائهما للمحكمة.
ماهي الأسباب القانونية لاعتقال القضاة في تركيا؟
في القانون المتعلق بالقضاة والمدعين العامين، فإنه لا يتم اعتقالهم إلا عند ارتكابه جريمة مبينة، أي في حال قيام القاضي بجريمة قتل أو بيع مخدرات أو عند قيامه بعمل يجرمه القانون فقط. ولا يمكن اعتقال القضاة إلا بقرار من المحكمة العليا.
إلا أن هذا القانون ضرب عرض الحائط في قضية اعتقال كل من القاضي مصطفى باشر ومتين أوزتشليك. وحتى سنوات الانقلابات العسكرية السابقة لم تشهد تجاوزا قانونيا من هذا القبيل.