شاهين ألباي
أجريت الأسبوع الماضي زيارة إلى الدول الاسكندنافية استغرقت ثلاثة أيام. وكانت محطتي الأولى في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن تلبية لدعوة مكتب جريدة زمان في إسكندنافيا.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]هناك 17 مدرسة خاصة في الدنمارك أنشأتها جمعيات تابعة لحركة الخدمة. ويجري تمويل هذه المدارس من خلال الدعم التعليمي الذي تقدمه الحكومة الدنماركية عن كل طالب. وتعتبر المدرسة التي أسست عام 1993 هي أقدم مدرسة تابعة لحركة الخدمة في أوروبا. وتقدم هذه المدرسة الدولية خدماتها التعليمية باللغة الإنجليزية فقط، والشيء الذي يميزها عن المدارس الأخرى هو أن أغلب الطلاب والمعلمين بها ينحدرون من أصول مختلفة.[/box][/one_third]ومساء يوم الخميس الماضي اجتمعنا في إحدى المدارس السبعة عشرة التي تديرها حركة الخدمة في الدنامرك، وألقينا أمام نحو 100 شخص من مشتركي جريدة زمان، نصفهم على الأقل من سكان منطقة شرق وجنوب شرق الأناضول، كلمة أنا وممثل الجريدة في بروكسل الزميل الصحفي سلجوق جولطاشلي بشأن التطورات السياسية التي تشهدها تركيا، وأجبنا عن أسئلة الحاضرين. وشاركنا يوم الجمعة بعد الصلاة في حفل الاستقبال الذي نظم بمناسبة افتتاح المكتب الجديد لجريدة زمان في قلب كوبنهاجن، ثم ألقيت كلمة أمام نحو مائة شخص كان بينهم سفراء وبرلمانيون وممثلون عن منظمات المجتمع المدني وباحثون وصحفيون حول الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها الانتخابات البرلمانية التركية المقبلة من ناحية مستقبل النظام الحاكم. ومن جانبه شرح جولطاشلي الأوضاع التي يعيشها الإعلام في تركيا، وأجبنا عن أسئلة الحضور.
سافرت إلى مدينة جوتنبرج، ثاني أكبر المدن في السويد، في ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة. وفي اليوم التالي شاركت في ندوة عقدها معهد كولن في شمال أوروبا. وناقش الحضور من شمال أوروبا وتركيا خلال تلك الندوة مضمون الكتاب الذي ألفه الدكتور كلاس جرينيل، أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة جوتنبرج، وحمل عنوان “أفكار حول العقل والدين والتسامح: التعرُّف إلى أفكار فتح الله كولن” (بلو دوم، نيويورك: 2015). وسأشارك رأيي بشأن هذا الكتاب لاحقًا. ولكن دعوني بدايةً أتحدث عن انطباعاتي في كوبنهاجن.
نعم، هناك 17 مدرسة خاصة في الدنمارك أنشأتها جمعيات تابعة لحركة الخدمة. ويجري تمويل هذه المدارس من خلال الدعم التعليمي الذي تقدمه الحكومة الدنماركية عن كل طالب. وتعتبر المدرسة التي أسست عام 1993 هي أقدم مدرسة تابعة لحركة الخدمة في أوروبا. وتقدم هذه المدرسة الدولية خدماتها التعليمية باللغة الإنجليزية فقط، والشيء الذي يميزها عن المدارس الأخرى هو أن أغلب الطلاب والمعلمين بها ينحدرون من أصول مختلفة.
أما معظم الطلاب والمدرسين في سائر المدارس التركية الأخرى فهم من الأتراك. والملفت في المدرسين الأتراك في تلك المدارس هو كونهم كلهم تقريبًا من مواليد الدانمرك وينتسبون إلى الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين الأتراك.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها من مسؤولي حركة الخدمة، فإن هناك إعدادات تجري لافتتاح مدرستين أخريتين. وقد وجَّه هؤلاء المسؤولون أسئلة إلى الجهات المختصة في الدانمرك بشأن هذه الخطوة؛ إذ قالوا: “لقد اعتبرتنا حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا أعداء وخونة وجواسيس. فهل هذا الأمر يهمّكم في شيء؟”، فجاء الرد كالتالي: “لا يهمنا هذا الأمر مطلقًا، نحن نعرفكم جيداً ومسرورون بإنجازاتكم، وندعوكم لمواصلة أنشطتكم. وكلما أصبح لدينا أسئلة حول مشاكل الاندماج فلن نتردد في استشارتكم”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ألا يطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كل دولة أوروبية يزورها بدمج الأتراك في المجتمع جنبًا إلى جنب مع السكان الأصليين؟ و الأمر الذي يميز مدارس حركة الخدمة هو إكسابها لأبناء المهاجرين الأتراك مهارات تضمن لهم التكامل في المجتمعات التي يعيشون بها. ولكن من الواضح جدًا أن عينيِ السيد أردوغان لا تسمحان له برؤية هذا أبدًا.[/box][/one_third]إن ما توجه مدارس حركة الخدمة المنتشرة في 160 دولة حول العالم هي الاحتياجات المحلية الخاصة بكل دولة وكل قارة. فالنخب المحلية في آسيا وإفريقيا يرغبون في أن يتلقى أبناؤهم تعليمًا عالي الجودة باللغة الإنجليزية، ولذلك فإنهم يتوجهون إلى مدارس حركة الخدمة. أما أولياء أمور الطلاب في أمريكا وأستراليا فيرغبون في مستوى تعليمي جيد، وهو ما يزيد إقبالهم على مدارس الخدمة. أما أولياء الأمور في الدول الأوروبية التي يكثر بها المهاجرون الأتراك فيريدون أن يخضع أبناؤهم لعملية تعليمية عالية الجودة وأن يصبحوا أصحاب أعمال وحرف في المجتمع الذي يعيشون به ويكونون بعيدين عن ارتكاب الجرائم وتعاطي المخدرات، ولهذا فإنهم يرجحون مدارس الخدمة. ولهذا السبب فإن السلطات المحلية في تلك البلدان ترحب بمدارس الخدمة.
ألا يطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كل دولة أوروبية يزورها بدمج الأتراك في المجتمع جنبًا إلى جنب مع السكان الأصليين؟ و الأمر الذي يميز مدارس حركة الخدمة هو إكسابها لأبناء المهاجرين الأتراك مهارات تضمن لهم التكامل في المجتمعات التي يعيشون بها. ولكن من الواضح جدًا أن عينيِ السيد أردوغان لا تسمحان له برؤية هذا أبدًا.
وسأواصل في مقالاتي المقبلة متابعة حديثي عن انطباعاتي بخصوص زيارتي للدول الإسكندنافية.
جريدة زمان 30/4/2015