إسطنبول (زمان عربي) – يبدو أن سلسلة الفضائح القانونية في تركيا باتت لا تعرف نهاية ولا تتوقف عند حد إذ أقدم المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم على فصل كلٍّ من القاضي في الدائرة 29 بمحكمة الجنايات في إسطنبول بسبب موافقته على طلب محامي رئيس مجموعة سامانيولو الإعلامية هدايت كاراجا و62 من رجال الشرطة ردّ قاضي التحقيق، والقاضي بالدائرة 32 في المحكمة نفسها بسبب إصداره قراراً بالإفراج عن المذكورين مساء السبت الماضي.
وكانت الدائرة 29 بمحكمة الجنايات في إسطنبول قد وافقت على طلب المحامين برد دوائر الصلح والجزاء المؤسسة من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان باعتبارها “مشروعاً” بخصوص النظر في قضية موكّليهم، تبع ذلك إصدار الدائرة 32 في محكمة الجنايات قراراً بالإفراج عن المعتقلين.
إلا أن المدعي العام رفض تنفيذ قرار المحكمة بناءً على تعليمات الرئيس أردوغان، ودعا لعقد اجتماع “عاجل” في ساعات متأخرة من مساء أمس الأحد بصورة مخالفة للقوانين؛ كما عملت بعض الأيادي الخفية على تعطيل أجهزة الفاكس والنظام الإلكتروني للمحكمة، لمنع وصول قرار المحكمة بالإفراج عن المعتقلين إلى سجن سيليفري القابعين فيه منذ أشهر، مما دفع المحامين للحصول على نسخة مصورة من قرار المحكمة لتقديمها للمدعي العام المسائي، لكنهم لم يجدوه في مكتبه.
وعند محاولة الاتصال به عبْر الهاتف المحمول قال لهم المدعي العام: “أنا مشغول الآن”، وبادر إلى إغلاق هاتفه.
وخاض المحامون كفاحاً قانونياً من أجل تطبيق قرار المحكمة بالإفراج عن موكليهم حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد بعد وصول المدعي العام الصباحي أورهان جولديكار.
وبعد أن انتظر المحامون طويلاً، رفض المدعي العام الجديد جولديكار أيضًا تنفيذ قرار المحكمة، وأصدر قرارا بإعادة قرار الحكم للدائرة 32 بمحكمة الجنايات مرة أخرى جراء ضغوط أردوغان والسلطة الحاكمة لدرجة أنه اضطر للبكاء أمام المحامين.
وتعتبر هذه هي المرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية التي يقدم فيها مدعي عام على رفض قرار المحكمة على الرغم من عدم اختصاصه بالأمر.
كما أن قضاة الدائرتين 29 و32 الذين وافقوا على طلب ردّ قاضي التحقيق لمحامي كاراجا والقيادات الأمنية الذين تم اعتقالهم قبل شهور بتهمة تشكيل تنظيم إرهابي والتنصت غير الشرعي في غياب أية أدلة معتبرة، والذين قضوا بالإفراج عنهم، لم يسلموا من هجوم وسائل الإعلام الموالية للحكومة، والتي يشرف على إدارتها أردوغان شخصياً، إذ صدرت صحيفة “يني عقد” صباح اليوم بعنوان: “افصلوا هؤلاء الخونة”، على حد وصفها.