نازلي إيليجاك
ناقش الكثيرون مسألة إبادة الأرمن خلال الأسبوعين الماضيين. فثمة مفهوم قانوني للإبادة، وبالتالي فهناك نتائج قانونية لذلك. ومشاطرة مواطنينا الأرمن الآلام التي عاشوها شيء والقول إن هناك “إبادة جماعية ارتكبت ضدهم عام 1915” شيء آخر. ويستخدم الأتراك مصطلح “مزاعم الإبادة” بدلًا عن “الإبادة” لنفيهم حدوث شيء من هذا القبيل.
يحمل النقاش حول الإبادة طابعًا سياسيًا بشكل أكبر من خلال القرارات البرلمانية الصادرة تباعًا والخطابات التي يلقيها رؤساء الدول. وليس الهدف من ذلك إشعار الأرمن في تركيا بأنهم يعيشون في طمأنينة أو إظهار خطأ أو عيب ارتكبته الدولة العثمانية. بل نحن أمام نتائج قانونية مثل دفع تعويضات وإعادة ممتلكات والمطالبة بالأراضي. ولهذا السبب فإن تركيا لا يمكنها الاعتراف بوقوع إبادة ضد الأرمن.
بقي أن نقول إن “اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” تمت المصادقة عليها عام 1948، وأعلنت الإبادة في ذلك التاريخ كجريمة دولية: “إذا ارتكب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها أدناه بهدف القضاء على أية جماعة قومية أو عرقية أو دينية بشكل جزئي أو كامل وفق هذه الاتفاقية، فإن ذلك يشكِّل جريمة إبادة: أ – قتل المنتسبين إلى جماعة ما، ب – الإضرار بالمنتسبين إلى هذه الجماعة بشكل خطير من الناحية البدنية أو الذهنية، ج – التغيير المقصود للظروف الحياتية لجماعة ما بغرض القضاء على كيانها بالكامل أو بشكل جزئي، د – اتخاذ التدابير لمنع التناسل داخل الجماعة، ه – نقل الأطفال المنتسبين إلى تلك الجماعة بالقوة إلى جماعة أخرى”.
لو كان التهجير قد أجري بعد عام 1948 لكان يمكن إطلاق لفظ الإبادة على ما حدث. لكن في هذه الحالة كان يجب تقييم مثل هذه الأحداث القائمة في تاريخ كلتا الدولتين في الإطار نفسه لا تقييم التهجير فقط. ألم يتعاون الأرمن مع الروس لتهجير المسلمين من القوقاز؟ ألم تشهد منطقة البلقان عملية تطهير عرقي؟ هل كانت جمعية الاتحاد والترقي ستتخذ قرار التهجير لم لو تكن قد شعرت بالقلق إزاء سلخ منطقة شرق الأناضول من جسد الدولة العثمانية كما حدث في روملي؟
لو شاطر بعضُنا بعضاً الألم المشترك وأردنا أن يعم السلام فعلينا أن نناقش هذه القضية في إطار إنساني لا سياسي، وحينها سنستمع إلى أصواتنا بشكل أفضل.