جوكهان باجيك
لنطرح النقاش التاريخي جانبا ولننظر إلى القضايا التي خسرتها تركيا حول أحداث 1915.
الغالبية العظمى من العالم ترى أن أحداث 1915 هي إبادة الأتراك للأرمن.
إن قضية 1915 خاسرة من ناحيتين:
أولا من الناحية السياسية: حيث اعترفت النمسا وألمانيا بوجود إبادة منذ وقت قريب.
تصوروا أن هاتين الدولتين حاربتا إلى جانب الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى حيث كان رئيس هيئة الأركان في الجيش العثماني هو الألماني ليمان فان سانديرس.
ثانيا من الناحية الثقافية والاجتماعية: ربط الإبادة بتاريخ 1915 أصبح مؤشرا من مؤشرات التثقف.
كما أن الناس المطلعين على السياسة الخارجية والصحفيين في العالم يرون أن أحداث 1915 هي إبادة.
حتى حلفاءنا صاروا ضدنا.
وثمة من يكاد يعلن احتفالا وطنيا لأن الرئيس الأمريكي أوباما لم يستخدم كلمة “إبادة”.
الوضع سيئ للغاية، إذ يقول بعض الساسة الأمريكيين إنهم يعتقدون بوجود “الإبادة” وهم يصدقون ذلك ولكنهم لا ينطقون بهذه الكلمة بسبب المصالح الاستراتيجية.
وقد تسرب إلى وسائل الإعلام ما يفيد بأن الرئيس أوباما لا يستخدم كلمة “الإبادة” مراعيا وصايا الوحدات الأمنية الأمريكية.
ومن جانب آخر قد قال أوباما في 2008 “سأعترف بوجود “الإبادة” بصفتي رئيسا”. ولذلك قد يفاجئ أوباما باستخدامه كلمة “الإبادة” في السنة القادمة قبل مغادرته الرئاسة، كما فعل في تغييره المفاجئ لموقفه تجاه كوبا.
ولكن ما قصة روسيا؟ وهي شريكنا التجاري الأول؟ فرئيسها بوتين شارك بالأمس في احتفالات الأرمن بحديقة “الإبادة” في ضواحي يريفان.
تغيرت الأوضاع الدولية الراهنة لمصلحة ادعاء الإبادة في الذكرى المئوية لأحداث 1915.
لكن هذا التغيير ليس بسبب الذكرى المئوية فقط. فثمة شعور بأن تركيا أصبحت دولة استبدادية لا تعي ما تقوم به، وهي دولة لا تستطيع إقناع العالم بأنها دولة قانون، فكيف لها أن تتعامل دبلوماسيا إزاء أحداث 1915.
فتركيا خسرت التعاطف الدولي وتضاءلت استراتيجيتها في الغرب والعالم الإسلامي وبالتالي بات من السهل عدم الاكتراث بمشاعرها. وعلى أنقرة أن تسأل لماذا اعترفت ألمانيا والنمسا بالإبادة في هذا الوقت بالتحديد؟
مجموعة من الدعاوي التي خسرتها تركيا
إن تركيا انطوت على ذاتها. وفقدت ميزتها العالمية الوحيدة وهي “أنها جسر بين الغرب والعالم الاسلامي”.
والأسوأ هو أن الساسة في أنقرة يضخمون هذه المسألة في السياسة الداخلية من خلال تناولهم هذا الموضوع في ميادين الانتخابات لجلب مزيد من الأصوات.
ولا داعي في الواقع للكثير من الكلام، وتصريح وزير الداخلية السابق أفكان آلاء يلخص كل شيء: “تحركت دول الحلفاء وأخذ البرلمان الأوروبي وخصوصا البابا يتهمون أجدادنا وتاريخنا بارتكاب الإبادة ويتخذون القرارات في هذا الشأن”.