إسطنبول (زمان عربي)- تقف قناة بوزدوغان التي لبت احتياجات سكان إسطنبول من المياه إبان فترة الإمبراطورية الرومانية إلى الآن في شارع إطفائية “المطافئ” صامدة في وجه معول التغيير الذي ضرب كل أركان مدينة إسطنبول التاريخية.
تعج تلك المنطقة الآن بعدد كبير من العائلات الكردية التي جاءت إلى هنا قبل سنوات من المدن المختلفة، بخاصة مدن جنوب شرق تركيا، وقاموا بفتح محال الجزارة والتوابل والمقاهي في مساحة كبيرة من المنطقة.
يطلق على تلك المنطقة منذ قديم الزمان اسم “سوق الجواري”، ويرجع البعض هذا الاسم إلى استخدام المنطقة إبان الدولة العثمانية كسوق للجواري، على الرغم من عدم وجود أدلة تاريخية على ذلك. ويرى البعض أن تلك المنطقة تحمل هذا الاسم لتردد النساء عليها لشراء مستلزمات بيوتهن والمواد الغذائية.
صحيفة” نيويورك تايمز” الأمريكية قامت بجولة في السوق العتيق ورصدت مظاهر الحياة فيه الآن في تقرير قالت فيه إنه بالإضافة إلى حركة التسوق والبيع والشراء التي تشهدها المنطقة يمكننا أيضًا مشاهدة الشباب الذين يحتسون الشاي التركي بمذاقه الفريد، على كراسي متواضعة أسفل قناة المياه التاريخية، من بائعي الشاي كبار السن ذوي العمامات الصوفية المشغولة. كما نرى الباعة الجائلين الذين يبيعون الأمعاء التي يطبخ بها المحشي المسمى ب”المومبار”، بجانب بائعي الرمان، والمكسرات، والتين المجفف “الياميش”.
وعلى الجانب الآخر من الميدان نجد بائعي عسل النحل من رحيق الصنوبر، والكستناء وزهور البرسيم وغيرها. وعلى الجانب المؤدي إلى خليج القرن الذهبي، نجد بائعي التوابل وكأنهم يبيعون أحجارا كريمة، بالإضافة إلى بائعي الباذنجان والفلفل المجفف للمحشي. كما يمكننا أن نجد بائعي مسحوق المحلب المُعَد من بذور الكريز الحامضي، والخشخاش، والفلفل الحلبي الأحمر.
وما أروع هذا المكان لتناول وجبة الغداء وسط هذا العبق التاريخي. ويملأ العاملون في المكاتب والمصالح المحيطة بميدان إطفائية مطاعم الكباب التي تقدم كباب البوريان الشهي (Büryan Kebabı)، بالإضافة إلى أطباق السُمَاق المجفف بجانب أقراص الخبز التركي المحلي وأكواب الآيران (اللبن الرائب) المملح اللذيذ… والخطوة التالية يمكننا تناول الجبن المزين بالكنافة الجميلة بلونها الأحمر والشربات اللذيذ بلونه الأصفر في طبق معدني بسيط ومتواضع…