إسطنبول (زمان عربي) – شبه الجزيرة التاريخية في إسطنبول وتاريخها العتيق الذي يجمع بين ثقافات وحضارات مختلفة هو أول ما يخطر على البال عند الحديث عن مدينة إسطنبول. ويعتبر جامع السلطان أحمد (الجامع الأزرق) من أبرز معالم ورموز شبه الجزيرة التاريخية. فما رأيكم لو أخذناكم في جولة للاستمتاع بالجو الروحاني الذي يضفيه على المنطقة المحيطة به، بالإضافة إلى آداء صلاة الجمعة هناك؟
يعتبر جامع السلطان أحمد الذي يمكن الوصول إليه بكل سهولة سواء عن طريق الترام، أو العبارات البحرية، أو حتى مترو “مرمراي”، بجوه المعنوي الساحر وأسلوبه المعماري المهيب، رمزًا من رموز إسطنبول القديمة.
والآن نبدأ جولتنا في المنطقة بصلاة الجمعة في جامع السلطان أحمد، والصلاة فيه لها مذاق خاص وجو روحاني متميز، ثم نخرج لاستكمال جولتنا في المنطقة الأثرية المحيطة به:
1- ميدان السلطان أحمد متحف مفتوح بمعنى الكلمة
يظهر ميدان السلطان أحمد الذي يحمل اسم جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق الذي يقع في الجهة المقابلة لمتحف آياصوفيا، وكأنه متحف مفتوح في الهواء الطلق.
وتشير الوثائق التاريخية إلى أن الميدان، الذي يعود تاريخه إلى ألفي عام، كان يستخدم كمضمار لسباق الخيل، في عهد الدولة البيزنطية. كما استخدم في عهد الدولة العثمانية لأنواع رياضات تُستخدم فيها الخيول.
نجد في ساحة الميدان ثلاث مسلات تاريخية تعود لحقب وعصور تاريخية مختلفة: الأولى مسلة قسطنطين تقف في قلب الميدان منذ الدولة القسطنيطينية إلى الآن، والثانية المسلة الفرعونية التي جُلبت من مصر إلى إسطنبول في عهد الدولة العثمانية، ومسلة عمود الثعبان التي أحضرت من معبد أبولو.
يقول الرحالة أوليا تشيليبي إن مسلة قسطنطين فيها سر أو لغز. وهذا الميدان انطلقت فيه الشرارات الأولى لكثير من أحداث تمرد الجنود الإنكشاريين، كما كان تقام فيه احتفالات سلطانية بختان الأمراء التي كانت تستمر طوال أربعين يوم وليلة.
بالإضافة إلى هذا توجد بالقرب من الميدان أماكن تستحق الزيارة مثل متحف الآثار التركية الإسلامية، وصهريج البازيليك للمياه الذي شُيد في القرن السادس في عهد الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول.
2- أضرحة السلاطين الموجودة في فناء آياصوفيا
قبل أن نبدأ جولتنا داخل متحف آياصوفيا، ماذا لو ألقينا نظرة على أضرحة الأمراء الموجودة في حديقة المتحف؟ هل تتساءلون عن الموجودين في الحديقة؟ الأمير سليم الثاني ابن السلطان سليمان القانوني من السلطانة هورم، والأمير مراد الثالث الذي ألَّف توشيحة: “استيقظي يا عيني من نوم الغفلة استيقظي” بعد أن ضيع صلاة الفجر مرة واحدة، والسلطان محمد الثالث الذي مات جوعا بعد أن انقطع عن الطعام والشراب إذ ناداه أحد المجاذيب: “لا تكن غافلا يا سيدي السلطان”، والأمير مصطفى الأول الذي صعد إلى كرسي الحكم بعد أخيه، مخالفًا لقواعد انتقال الحكم في الدولة العثمانية من الأب للأبن، وأخيرًا “السلطان دلي إبراهيم” (إبراهيم المجنون) الذي يُعد من أكثر السلاطين غرابة.
3- حامل لواء السلطان أيوب
في شارع كابا صقال المؤدي إلى قصر توب كابى، يوجد مكانان غاية في الأهمية: الأول هو سوق الفنون بإسطنبول الذي يضم واحدة من أندر وأقدم الحدائق في المدينة. والثاني ضريح الصحابي الجليل عبدالرحمن الشامي، الذي عينه الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري (رضي الله عنهما) حاملا للوائه.
4- سوق آراسطى أرخص من السوق المغطى
إن السوق التاريخي الموجود في الطرف السفلي من جامع السلطان أحمد يُسمى سوق آراسطى (Arasta Çarşısı) والذي عُرف أيضًا باسم “متحف فسيفساء القصور الكبير”. يضم السوق الذي لا يعرفه الكثيرون أعمالا يدوية غاية في الجمال من السجاد والمفروشات اليدوية التقليدية، والزخارف الفخارية.
ولكل من يهمة الأمر: تباع المنتجات في سوق آراسطى بأسعار أقل من نظيراتها في السوق المغطى.
5- أول جامع ذي 6 مآذن في تركيا
حان وقت الصلاة… الآن نتجه إلى أحد أشهر الجوامع في المدينة؛ إنه جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق، الذي شيده المهندس صاداف كار محمد آغا في عهد السلطان أحمد الأول في الفترة ما بين عامي 1609- 1616. لقب الجامع في جميع أنحاء العالم بـ”الجامع الأزرق” بسبب زخرفته الداخلية بالفسيفساء الأبيض والأخضر والأزرق، إذ يغلب اللون الأزرق على الألوان الأخرى. وتضم الزخرفة الداخلية له نحو 20 ألف قطعة فسيفساء مشكلة على هيئة 50 نوعا من أنواع زهور التيوليب من مدينة إيزنيق.
ويتمتع الجامع بمظهر خارجي مهيب عظيم بفضل ضخامته التي حصل عليها من هندسته المعمارية التي جعلته أول جامع في تركيا ذي 6 مآذن.
وفي ذلك الوقت لم يكن هناك أي مسجد يضم 6 مآذن، إلا المسجد الحرام في مكة المكرمة الذي تتوسطه الكعبة.
6- حدائق الشاي
تجولنا كثيرا، وحان وقت الطعام… عزيزي القارئ ورفيقي في هذه الرحلة الممتعة اليوم، يمكن لنا أن نتناول الطعام في مطعم “ميهري” الشهير الملاصق لحمام السلطانة هورم، أو في أي واحدة من حدائق الشاي المجاورة له، أو من الممكن الاستمتاع بطبق شهي في المطعم التابع للبلدية. أما بالنسبة للشاي فأنصح باحتسائه عند محال الشاي الصغيرة الموجودة أمام مدرسة كيزلار آغاسي، أو الموجودة في الشوارع الجانبية في منطقة جاغال أوغلو.
7- متنزه جول خانة
بالتأكيد لا نملك الوقت الكافي للتجول في منطقة السلطان أحمد كلها في يوم واحد. فأمامنا جولة أخرى في قصر توب كابي، ومتحف آياصوفيا، بالإضافة إلى الجوامع الصغيرة الموجودة في الشوارع الجانبية التاريخية من المنطقة.
نعم لقد تعبنا كثيرا في هذه الجولة، لكن قبل أن نغادر من الممكن أن نلقي نظرة على متنزه جول خانة، الذي تعتبر الحديقة الأمامية لقصر توب كابي، والذي تم إعلان فرمان (أحكام) التنظيمات فيه عام 1839.
ويمكننا أن نرى في هذا المتنزه عددا من المتاحف مثل متحف آثار إسطنبول القديمة، والمتحف الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا، ومتحف الأدب للكاتب الكبير أحمد حامد طانبينار. وقد حولت رئاسة بلدية مدينة إسطنبول المتنزه إلى حديقة للاستراحة وشرب الشاي مؤخرا وأصبحت مفتوحة أمام الجميع.