محمد كاميش
لم يبق سوى شهرين على إجراء الانتخابات البرلمانية في تركيا في 7 يونيو/ حزيران. وبما أن صندوق الاقتراع هو المرجع التشريعي الوحيد لهما فإن حكومة العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان سيفعلان كل ما بوسعهما لتكون نتيجة الانتخابات كما يحبان.
وتخمين ذلك لا يحتاج إلى استراتيجية عميقة. فهذه الانتخابات مسألة حياة أو موت بالنسبة للذين عطلوا الدستور وجعلوا تركيا تعيش حالة الطوارئ منذ 17 ديسمبر/كانون الأول 2013 إلى الآن .
والذين يرتكبون ما لا يحصى من الجرائم يوميا يعلمون أنهم سيدفعون الثمن في يوم ما. ولذلك فإما أن ينجحوا في هذه الانتخابات أو يدفعوا الثمن.
ولذلك سيحاولون بكل ما أوتوا من قوة حتى تكون نتائج الانتخابات في صالحهم مهما كان الثمن وليتمكنوا بعدها من تغيير الأنظمة والقوانين كما شاؤوا. وإذا لم يتمكنوا من ذلك فإنهم سيبدؤون في دفع الثمن لما بدر منهم من أخطاء جسيمة.
وبالنسبة لهم، الهدف الأول للانتخابات هو الحفاظ على الوضع الراهن والحفاظ على نفس العدد الحالي لأعضاء البرلمان. ويتطلعون إلى تغيير كثير من الأمور فيما بعد. وهم بحاجة لرص الصفوف كي يحصلوا على 50% من الأصوات، وثمة ورقتان لإدخال البلاد في دوامة كبرى. وقد استخدمت تركيا القديمة هاتين الورقتين: وهما الوضع المتوتر بين السنة والعلويين وبين الأتراك والأكراد.
وقد حاولت أن أكتب من قبل عن ذلك، فحول المشكلة الكردية سيحاولون الحيلولة دون انتقال الأصوات إلى حزب الحركة القومية أو حزب الوحدة الكبرى من جهة، والوقوف في وجه التصويت لحزب الشعوب الديمقراطية والذي قد يصوت له بعض الناخبين من غير الأكراد أيضا. وكانت هذه الخطة موجودة من قبل أيضا. فكلام أردوغان ضد مسيرة السلام التي هو من وضع أساسها بنفسه ممايدل على وجود هذه الخطة.
وثمة لعبة خطيرة في محاولة النجاح في انتخابات 7 يونيو/حزيران مهما كلف الثمن. ولو نظرنا إلى لغة الكتاب الموالين للحكومة والمسؤولين لعلمنا أنهم يسعون لجعل العلويين في الطرف الآخر عن طريق ربط استشهاد المدعي العام بهم. فالذين أسروا المدعي العام واحتجزوه كرهينة، والذين قطعوا المباحثات فورا وأمروا بتنفيذ العملية يحتاجون إلى عداء العلويين. وهذه رسالة بسيطة وسبق تجربتها من قبل وهي موجهة إلى المنتمين للتيار اليميني من خلال المشاكل بين السنة والعلويين ومفادها؛ يجب رص الصفوف جيدا وإلا فلن يعرف أحد ما قد يفعله العلويون. وقد استهدفوا تحقيق ذلك أثناء أحداث حديقة جيزي من خلال الأكاذيب. فعلى الأقل رُصت صفوف اليمين حيث ظهرت المخاوف حول حظر الحجاب مجددا.
كما أن تنظيما عادت له الحياة من جديد بعد أن كان قد أوشك على الانقراض، وتم خلق أجواء وكأن العلويين هم الذين أسسوا هذا التنظيم.
والناس مدركون أن هناك أرضية لخلق توتر سني علوي بحجة عملية إنقاذ رهينة لا يمكن وصفها إلا بالفشل والفضيحة الأمنية. فبعد يوم واحد من عملية تشاغلايان تم اقتحام مبنى حزب العدالة والتنمية في منطقة كارتال بمدينة إسطنبول بمسدس بلاستيكي وتعليق علم مرسوم عليه سيف ذي الفقار (الذي يعود لسيدنا علي كرم الله وجهه للإيهام بأن العلويين هم الذين قاموا بذلك). إن هذه العملية مسرحية كوميدية كشفت النقاب عن اللعبة الخبيثة التي يحاول البعض حياكتها حول الاختلاف المذهبي بين أبناء هذا الشعب.