أوميت كارداش
لم تكن العلاقة جيدة بين الدولة و135 قرية غرب لواء درسيم (قديما ومدينة تونجلي في الوقت الحاضر) التي يسكنها العلويون الأكراد حتى القرن العشرين. وكانت الدولة تعد هذه المنطقة غير آمنة. وكانت عشيرة كوتشجيري قد انتهجت الفكر القومي وأسست جمعية” تعالى” الكردية في 1918.
وفي بدايات سنة 1920 بدؤوا يطالبون بالحكم الذاتي، وكانت حركتهم بقيادة كل من الأميرين “علي شير” و “حيدر”. في حين كان الزعيم الفكري بيطار نوري درسيمي عضو جمعية تعالى الكردية. وفي بدايات سنة 1921 طالب الأكراد المجاورون لعشيرة كوتشجيري بالحكم الذاتي وبتحرير الأكراد في سجون محافظات آلازيغ (معمورة العزيز) وملاطيا وسيواس وأرزينجان. كما طالبوا باستدعاء الموظفين الأتراك من المناطق ذات الأغلبية الكردية في مناطق كوتشجيري.
وكان 72 نائبا برلمانيا قد عبّروا عن وقوفهم إلى جانب أنقرة حيث أرسلوا برقية إلى لوزان بذلك الخصوص ما أثار عصيان كوتشجيري. وقد اشتدت الاشتباكات التي بدأت في 6 مارس/آذار 1921 وتم إرسال جيش مركزي بقيادة صاكاللي نور الدين باشا إلى المنطقة واشتركت الفرقة 47 بقيادة طوبال عثمان في العملية.
وكان المحافظ أبو بكر حازم بك قد أوضح في التقرير الذي قدمه للبرلمان أنه تم حرق وهدم 132 قرية ومقتل المئات من الناس واغتنام المتاع والذخائر والمواشي، وترك آلاف الأشخاص معرَّضين للجوع والموت في الجبال والطرقات.
وكانت الإجراءات المتشددة التي اتبعها نور الدين باشا قد انتُقدت في حوارات البرلمان حول كوتشجيري. واعتبر النوَّاب الأكراد في البرلمان أن المسؤول عن ذلك هو الحكومة والجيش اللذين بالغا في الرد على المتمردين الأكراد، وبدأت النقاشات الحادة بين النوّاب.
وأوضح مصطفى كمال أتاتورك في كتابه الذي ضم خطاباته ومذكراته أن البرلمان طالب بعزل ومعاقبة نور الدين باشا، لكنه تشاور مع فوزي تشاكماك لإنقاذ نور الدين من العقاب، وعينه بعد 8 أشهر قائدا للجيش الأول.
ولم يكن هناك تفاهم بين أتاتورك والنواب الأكراد، وربما هذا سبب تصفية النواب الأكراد فيما بعد. حتى إن النائب يوسف ضياء بك الذي قال “أنا كردي وابن كردي ولكنني من الأكراد الذين يعملون من أجل إعلاء وشرف ورفعة تركيا” لم يدخل البرلمان في الدورة التالية. فأصبح من بين الذين أسسوا جمعية آزادي التي لعبت دورا فعالا في عصيان الشيخ سعيد الكردي.
وكان تمرد الشيخ سعيد في 13 فبراير/شباط 1925 أساس الهاجس لدى الدولة التركية تجاه الأكراد ومحركها الأساسي. وكان معظم أعضاء جمعية آزادي هم من الضباط الأكراد الذين تركوا العمل في الجيش التركي.
فقد كان 50% على الأقل من الجيش السابع في ديار بكر أكرادا. وحتى بعض الضباط الأتراك كانوا يتعاطفون مع الحركة الكردية. وهذه بعض الأسباب التي كان يبديها الأكراد الذين وافقوا الشيخ سعيد ووقفوا معه في العصيان:
1- القانون الجديد الصادر حول الأقليات تسبب في ريبة لدى الأكراد. وكان الأكراد يخافون من توزيعهم على المناطق الغربية من تركيا ومنح مناطقهم الشرقية للأتراك.
2- عدم السماح باستخدام اللغة الكردية في المدارس والمحاكم.
3- حذف كلمة كردستان من كتب الجغرافيا كافة.
4- المسؤولون الكبار في المناطق الكردية كانوا من الأتراك. والأكراد ما كانوا يوظَّفون إلا في الوظائف المتدنية.
5- ما كانوا يحصلون على الخدمات الكافية من الدولة مقابل الضرائب التي كانوا يؤدونها.
6- يزعمون أن الحكومة تدخلت في الانتخابات البرلمانية سنة 1923.
7- لطالما استخدمت الحكومة عشيرة ضد غيرها وضرب بعضها ببعض.
8- لم تكن أوضاع الأكراد في الجيش مساوية لأوضاع الأتراك حيث كان الأكراد عموما يعملون في الأعمال الصعبة وغير المرغوبة فيها.
9- كانت الحكومة التركية تحاول برأسمال ألماني استثمار الثروات الباطنية في المناطق الكردية.
10- كانت مؤسسة الخلافة آخر رابطة دينية بين الأكراد والأتراك وقد تم إلغاؤها.