مصطفى أونال
أزمة أنقرة تتحول إلى حرب. وكان خطاب نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة بولنت أرينتش ردا على تدخل القصر ولحماية حقوق الحكومة ولذلك قال لأردوغان “لا”.
وكانت المشكلة هي حول لجنة المتابعة واجتماع دولما بهشه. وقال رئيس الجمهورية “لا يمكن ، غير صحيح”. أما أرينتش فرد عليه “نحن مصرون”. وهذه تسمى “أزمة” في كل بقاع الأرض.
من ستكون له الكلمة الأخيرة؟ القصر أم الحكومة؟ هذا سؤال ليس عن هذه الحادثة فحسب بل عن المستقبل أيضا.
وقد اجتمع رئيس الجمهورية أردوغان برئيس الوزراء داود أوغلو بعد منتصف الليل في إسطنبول. ولم يكف ذلك، فالتقى به مرة أخرى بعد يوم واحد.
لقد بقي داود أوغلو صامتا ولم يتدخل بل اكتفى بالمشاهدة. وسبب ذلك معلوم لأنه حتى لو وضع كامل ثقله فليست لديه قوة كافية لحل الأزمة. ولا شجاعة عنده ليذكر القصر بصلاحياته.
إن الإجتماعات لا تزيل حدة التوتر ولكنها قد ترجِئها قليلا ليس إلا. نعم صحيح، تلطف الجو بين القصر ورئاسة الوزراء. وقد قال أرينتش “أنا أحب رئيس الجمهورية كثيرا” وذلك بسبب الانتقادات. لكنه رد على مليح جوكتشك الذي طالبه بالاستقالة. بأسلوب شديد يندر حدوثه في عالم السياسة.
وسرعان ما تحولت أزمة أنقرة إلى حرب. لا يخطئنَّ أحد، فإن لب المسألة بين جوكتشك وأرينتش سياسي. فأرينتش كان قد اعترض على ترشح جوكتشك لرئاسة بلدية أنقرة. وحاول منعه بشتى الوسائل. ولا يخطئ أحد إذا قال إن بينهما ثأرا من الناحية السياسية. وما من أحد إلا ويعرف هذه الحقيقة في أنقرة .
وقد أراد جوكتشك الذي يحاول انتهاز الفرصة لتصفية الحساب المتبقي من انتخابات المحليات في جو أنقرة الضبابي القائم. لكنه لقي هجوما شديدا لم يكن يتوقعه. فوجد صعوبة في الرد. مع أنه خبير في الصراع السياسي وهو عمل يتقنه كثيرا. حيث إن حياته السياسة حافلة بتبادل الهجمات والنزاعات.
وإن ذكر الأمور العائلية في هذا النزاع لا يمكن فهمه بسهولة. فالنزاع بين أرينتش وجوكتشك لن ينتهي بسهولة. وبعد يومين وجه رئيس الوزراء كلمة لهما من مدينة كونيا (وسط تركيا) واصفا ذلك النزاع بأنه خطأ. وراح يذكِّر كليهما بالانضباط الحزبي. وكانت مساواته بينهما ملفتة للانتباه. لأن رد فعل أرينتش كان ليريحه هو (داود أوغلو) وحكومته.
وإن داود أوغلو بتصرفه هذا قد ترك أرينتش وحيدا. فأرينتش ليس شخصا عاديا. فهو من أقدم الشخصيات في الحركة السياسية. وهو كبير الأعضاء في الحزب. إذ إنه مر بمراحل عصيبة، وهو بطبيعة الحال لن يحتمل تذكيره بالانضباط من قبل داود أوغلو. خاصة في هذه الأيام التي يستعد فيها لأن يودع السياسة. ولا أظنه يود أن يعيش نهاية كهذه، ولعله يتمنى أن يودع السياسة بشكل لائق لكونه يوصف بأنه ضمير الحركة. ولا أعتقد أنه سيرضى بذلك. بل سيعبر عن استيائه من هذا الوضع. فلا يمكن الإصلاح بين أرينتش وجوكتشك بعد التلاسن الذي جرى بينهما فقد فات الأوان وسبق السيف العذل.
إنها ليست مسألة تخص شخصين فقط بل هي أزمة سياسية. وهي ملخص ما يجري داخل حزب العدالة والتنمية.