سلجوق جولطاشلي
وفد من العدالة والتنمية وفيهم نواب برلمانيون أيضا يزور بروكسل، ويقوم الوفد بزيارة أحد المؤسسات الفكرية ضمن إطار البرنامج.
ويبدأ التعارف. والذي عرَّف بنفسه تحدث أولا عن بلده ثم ذكر أن له 3 أطفال.
إحدى النائبات البرلمانيات تمثل أحد المراكز التجارية المهمة في الأناضول، هي أيضا تتحدث عن تحصيلها العلمي ثم تذكر أن لها 3 أطفال. ثم تذكر التي تليها أن لها طفلين لكنها ترغب في إنجاب الثالث.
وذكر من روى لي أحداث اللقاء أن اللقاء من ألفه إلى يائه كان مضحكا. حيث أفاد بأن ممثلي العدالة والتنمية كانوا دائما في موقف الدفاع (عن سياسة حزبهم)، ولا يقبلون أي انتقاد؛ وأنه فهم ذلك إلى حد ما، ولكنه حار في أمره ولم يفهم موضوع إنجاب ثلاثة الأطفال. ثم أخذ يبتسم، وهو يعبر عن أنه استطاع فيما بعد أن يفهم تماما أهمية موضوع الأطفال الثلاثة وما الذي يعنيه.
إن الذين يسعون لتحقيق المكاسب في العدالة والتنمية يرون أن هذه الفرصة هي أفضل فرصة لهم لإثبات وجودهم في التجارة والمجال الأكاديمي، والرياضة وعالم الفن؛ كما أنهم يتخلون عن مبادئهم التي ربما لم تكن موجودة لديهم من أجل نيل رضا الرجل الواحد في الحكم.
وإن الذين كانوا يسمون أنفسهم “المحافظين الديمقراطيين” حين تحالفوا مع المتدينين لطالما كانوا مستاءين من رد إنجازات أتاتورك إلى رجل واحد لكنهم الآن لا يشعرون بالخجل من ذلك.
فهذا الرجل الواحد لا ينزعج مطلقا من المدائح المنظومة من أجله والتي لا حدود لها ولا تفسير منطقي.
فإنه لم ينهر النائب البرلماني الذي وصفه بأنه يجمع في ذاته كل صفات الله، ولم يوقفه عند حده مع أنه يعرف كيف يوقف من يريد إيقافه عند حده. كما أنه لم يعترض على من استقبله بكلمة “جاء رسول الله”. كما لم يعترض على قول رئيس سابق لأحد فروع العدالة والتنمية “إن رئيس الوزراء أردوغان بالنسبة لنا كنبيّ ثانٍ”
ولايُبدي أدنى انتقاد رسمي (للديمقراطيين المتدينين الذين ظهروا حديثا) حين قالوا: “إن ملامسة رئيس الوزراء (آنذاك) عبادة”. لكن رئيس الجمهورية يركز على استخدام أشعار كمال الدين كامو أمام الجماهير. وقد قال أردوغان حين كان رئيس الوزراء في 8 أغسطس/ آب، أما الجماهير التي احتشدت في أنقرة: “قد قال بعض الجهلاء: “فلتكن الكعبة للعرب ونحن يكفينا أن تكون لنا تشانكايا (مقر إقامة أتاتورك)” وهذا معناه أن عدم احترام الدين أمر سيئ إذا كان من قبل الكماليين، ولكن إذا كان بقناع التدين فلا بأس، بل إن ذلك قد يؤدي إلى الحصول على وظيفة أو منصب أو جاه أو شهرة أو ثروة يهبها صاحب السلطة.
وأخيرا بشَّر أحد أعضاء حزب العدالة والتنمية بأن الخليفة سيظهر في بلدنا في القريب العاجل من جديد، وقد بشَّر بذلك في مدينة سيعيرت التي وصفها أجمان باغيش وزير الدولة السابق لشؤون المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بأنها مقدسة (لأن أردوغان ترشح لعضوية البرلمان من مدينة سيعيرت). وانتشر هذا الخبر على نطاق واسع حتى إن صحيفة” واشنطن بوست” قد نشرته على صفحاتها. وكالعادة لم يصدر أي توضيح أو تصحيح من القصر الأبيض.
لا بأس في النقاش في تاريخ الخلافة ودورها والأسباب التي أدت إلى إلغائها لكن إن كان هناك موضوع لا يمكن نقاشه هو مسؤولية الحفاظ على هيبة المنصب الذي يلعب دور تمثيل الأمة الإسلامية كاملة. لكن تصريحات الشخصية السياسية الذي ينظر إليه البعض بأنه مرشح للخلافة تناقض بعضها بعضا. فهو يدعي أن القضايا التي كان يقول من قبل إنه مستعد ليكون مدعيا عاما فيها، ما هي إلا مؤامرة. وكان يدعي بأنه أجرى الكثير من الإصلاحات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؛ لكنه أصبح يقول “إن الانضمام للاتحاد الأوروبي ليس من أولوياتنا” بعد صدور بعض الانتقادات من الاتحاد الأوروبي ضده.
وكيف ستنتهي الأمور؟ لا نعلم. فربما كان من المقدر له أن يرضى بأن يكون مجرد دمية بينما كان يحلم أن يكون خليفة المسلمين، وقد يكون هو كذلك بدأ يشعر بهذه الحقيقة المرة.
وأنا أكتب هذه السطور من برلين حيث يقام حفل توزيع الجوائز في أولمبياد اللغة التركية واللغة الألمانية. ولم يكن من وسع أحد من غير المتطوعين في حركة الخدمة أن يثبت للعالم أجمع إمكانية تقديم عرض للرقص الفلكلوري الألماني”بافييرا” والرقصات الشعبية التركية لمدينة غازي عنتاب مع بعض. وربما كانوا متطوعي حركة الخدمة بحاجة للتشجيع أو ربما لشيء من الضغط، وعلينا أن نسلِّم بأن أردوغان أسهم في تحقيق ذلك النجاح من هذه الناحية (لأنه منع إقامة هذا الأولمبياد في تركيا بعدأحداث 17و25 ديسمبر).