بولنت كوروجو
التحق أردوغان أيضا بمجموعة المغنين الذين يكررون أغنية “أن قضايا أرجينكون وباليوز (المطرقة الثقيلة) ما كانت إلا مؤامرة ضد الجيش وكنا منخدعين”.
وقال ما يؤيد ادعاءات أشخاص هم بمثابة الناطقين باسمه في الأكاديمية العسكرية. إذ قال: “لقد كانت الدولة وشخصي أنا ضحية لتوجيهات خاطئة أثناء تلك العمليات”. ويبدو أنه شعر بهذه الحقيقة (!) بعد عمليات تحقيق الفساد في 17 ديسمبر/كانون الأول 2013. ويبدو أنه لم يعد هناك أحد يقتنع بأنه “بطل الديمقراطية الذي أنهى الوصاية العسكرية”، وربما يمكنه العودة إلى خطابه السابق مجددا عند اللزوم أو انقلاب الموازين، وبما أننا لا نعلم ما سيحدث في المستقبل فعلينا أن نبني تصوراتنا على المعطيات الحاضرة في يومنا هذا.
نعم لقد خُدعنا، بل دعوني أقول ما هو أبعد من ذلك، فقد دخلوا في أذهاننا كما في فيلم (Inception) حيث ظننا بأننا عشنا أحداثا لم تقع أصلا في الواقع. فمثلا لم يحدث الهجوم على مجلس الدولة (الذي أسفر عن قتلى وجرحى وقبض على الفاعل وما زالت المحاكمة مستمرة).
ولم يُقتل القاضي مصطفى أوزبيلجين من قبل المحرضين لاستدراج البلاد إلى ظروف تسمح بحدوث انقلاب آخر. ولم يهرب وزير العدل (آنذاك) جميل تشيتشيك من جامع “كوجا تبه” في أنقرة دون أن ينظر خلفه وهو بين حرسه. وهرانت دينك (الصحفي التركي من أصل أرمني) لم يُقتل، بل فقد حياته أمام مقر جريدته جراء سقوط إصيص ورد على رأسه من إحدى الشرفات. ولم يجعلوا منه هدفا أمام الجماهير الغاضبة من خلال تصريحات القضاة الذين وصفوه بأنه “عدو للأتراك”.
ولم يتدخل أحد في المرافعة ولم يهدد أحد المحكمة. ولم يقف أحد من مسؤولي الدولة أمام العلم التركي لالتقاط الصور مع قاتله أمام الكاميرات. فكل ذلك كان مفبركا بالفوتوشوب لخداع الشعب!
وكانت المذكرة المنشورة على موقع قيادة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة في 2007 عبارة عن كذبة أبريل. وكان تصريح رئيس الأركان العامة حينها (يشار بويوك أنيت) : “نريد رئيس جمهورية علمانية في الصميم وليس في الكلام فقط” عبارة عن تتمة كذبة أبريل المزحة السابقة. وكانت فضيحة 367 عبارة عن محاكاة للكثير من الدعاوي الواردة في كتب القانون. ولم تحدث أي حادثة حقيقية. ولم تُرفع دعوى لإغلاق العدالة والتنيمة. فقد كان الاتهام الذي أقره النائب العام عبد الرحمن يالتشينكايا عبارة عن وثيقة مزورة لإقناع الحكومة باعتقال بعض ضباط الجيش. وكان الذي قرأ القرار بهيئة هاشم كيليتش في المحكمة الدستورية وقتها ممثلا يشبهه. ولم يتم إنشاء مواقع حملات تشويه سمعة الحكومة في قيادة الأركان العامة من خلال الضرائب التي تجمع من الشعب. ولم يُنشر شيء لتمهيد الطريق أمام الانقلاب.
وكان مشروع انقلاب باليوز عبارة عن تلفيق. ولم تكن هناك تهديدات داخلية مقنعة بقناع التهديد الخارجي. ولم تسجل أسماء كثير من الساسة والمسؤولين في قائمة الذين يجب معاقبتهم والتخلص منهم. والتسجيلات الصوتية التي وردت فيها عبارات مثل: “سأسيطر على مدينة إسطنبول…. وسأتصرف مع هذا الشعب الذي يقف تجاه الظلم صامدا، بقسوة وجبروت” كانت مفبركة بطريقة احترافية وعالية الجودة إلى درجة حتى المتهمين لم يستطيعوا إنكارها.
وقد كان الكتاب الذي ألفه قائد القوات البرية حينها (آيتاج يالمان) تحت عنوان “شاهد صامت على السنوات العصيبة” عبارة عن كذب. وما دام أن ذلك الكتاب لا وجود له على أرض الواقع فإن هذه الجمل التي كانت فيه أيضا مجرد تخيلات: “إن رئيس الأركان كيفريك أوغلو أقلع عن فكره في تعيين القائد شتين دوغان قائدا للقوات البرية بعد أن توصل للمعلومات المتعلقة بعزمه على القيام بالانقلاب.
وحين لم يتم تعيين دوغان أصبح أسير رغباته وبدأ يخالف الأوامر حتى تسبب في تعكير الأجواء على أصدقائه نتيجة تحريضه لهم. هذا هو جوهر قضية باليوز. لماذا لم يصبح دوغان قائد الأركان العامة، أو الأمين العام لمجلس الأمن القومي؟ الجواب الشافي هو عند ضباط ذلك الوقت”. إياكم أن تنخدعوا بالمعلومات الواردة في كتاب يالمان باشا، لأن شتين دوغان هو أكثر العسكريين الديمقراطيين في تاريخنا المعاصر! لقد أخطأتم أيضا في فهم ما ألف شامل طيار صحفي الأمس والنائب عن العدالة والتنمية اليوم من كتب يتحدث فيها عن محاولات الانقلاب. فما هي إلا روايات من الخيال العلمي! وأحداثها كانت تجري في دولة خيالية لا وجود لها على أرض الواقع!