علي بولاج
سألني أحد الحضور في ندوة شاركت فيها مع ألطان طان ومحمد ألطان ومحمد بكار أوغلو في ديار بكر قبل أسبوعين قائلا: “لماذا لم تستخدم كلمة كردستان” فأجبته: “كردستان بالنسبة لي مثل تركستان وعربستان. هذه الأسماء الثلاثة تدل على مناطق جغرافية بشرية. وثمة منطقة جغرافية اسمها كردستان يعيش فيها الأكراد بكثافة”
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] إن الأنظمة القومية ذات الهوية الواحدة تتسبب في النزاعات المذهبية والدينية والقومية. وثمة حقيقتان في واقع الأمر: الأول، النزاع الذي تعيشه المنطقة نذير شؤم بانهيار المنطقة برمَّتها. والثاني، أن الأوضاع الحالية لا يمكن لها أن تستمر.[/box][/one_third] طبعا هو لم يقصد المعنى الجغرافي بل قصد الكيان السياسي. ولكنني أفكر في أن الحل منذ الماضي إلى الآن يكمن في الجمع بين كل المجموعات الدينية والعرقية والمذهبية، وهذا ما يُسمى بالاتحاد الإسلامي ، والاتحاد له أكثر من مقوِّم. فعلى سبيل المثال يمتاز الاتحاد بميزة الشمول والتكامل الإقليمي ولذلك فالإسلام هنا اسم لوجهة نظر تدعو إلى الوحدة السياسية المشتركة بين الأديان والمذاهب المختلفة، أي المقصود به هنا ليس الدين الذي يدعو المؤمنين به إلى القيام بالفرائض الخاصة به. بل هو بمثابة منظمة حقوقية على هيئة منظمة اجتماعية سياسية تضمن الأغلبية الثقافية والحقوق الأساسية للجميع. إذن فالمسلمون يؤدون فرائض دينهم وغير المسلمين أيضا لهم الحرية في أداء شعائرهم الدينية ويحافظون على ثقافتهم ويعملون على إحيائها؛ وهم شركاء متساوون يشتركون في الوحدة السياسية. وبذلك يمكن لليهود والمسيحيين (الروم والأرمن والموارنيين والسريانين وغيرهم) والأتراك والأكراد والعرب والفرس وغيرهم من الأقوام وأهل السنة والشيعة والعلويين أن يعيشوا معا وأن يثبتوا وجودهم دون أن يتحكم بعضهم على الآخرين عسكريا وسياسيا ودون أن تكون لهم سيطرة ثقافية على غيرهم.
ويمكننا إنشاء سقف يشمل الجميع انطلاقا من المصادر الإسلامية. فالأنظمة القومية المطعمة بالديمقراطية الليبرالية أو الاشتراكية لا تجمع جميع العناصر تحت سقف واحد، وهذا واضح للعيان.
إن الأنظمة القومية ذات الهوية الواحدة تتسبب في النزاعات المذهبية والدينية والقومية. وثمة حقيقتان في واقع الأمر: الأول، النزاع الذي تعيشه المنطقة نذير شؤم بانهيار المنطقة برمَّتها. والثاني، أن الأوضاع الحالية لا يمكن لها أن تستمر.
وإننا نعيش نموذجا بالغ الأثر من الأزمة في سلسلة القيم أو طريقة التلقي (paradigma) لكن أكثر ما تتضح فيه شدة هذه الأزمة وخطورتها ودمارها هو في المسألة الكردية والنزاعات المذهبية. فإما أن نجد حلا عادلا آمنا مقنعا ومستمرا لهذه الأزمة بكوننا الشعوب التي تسكن في المنطقة أو أن يأتي طرف خارجي ليفرض علينا حلا كما يحلو له. نحن نعلم أن أمريكا ومنذ وقت طويل تصمم وتنشر خرائط لكردستان. والآن بدأ الحديث عنها بشكل علني: حيث أفادت النشرة العالمية بتاريخ 12/03/2015 بأن السيناتور الأمريكي راند باول المرشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2016 قد ذكر الأكراد فيما ذكره بين وعوده الانتخابية. وأوضح أنه يجب منح الأكراد إمكانية لتأسيس دولتهم، وصرَّح: “سأرسم حدودا جديدة من أجل كردستان وأنا أعدهم بتأسيس دولة لهم”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إننا نعيش نموذجا بالغ الأثر من الأزمة في سلسلة القيم أو طريقة التلقي (paradigma) لكن أكثر ما تتضح فيه شدة هذه الأزمة وخطورتها ودمارها هو في المسألة الكردية والنزاعات المذهبية. فإما أن نجد حلا عادلا آمنا مقنعا ومستمرا لهذه الأزمة بكوننا الشعوب التي تسكن في المنطقة أو أن يأتي طرف خارجي ليفرض علينا حلا كما يحلو له.[/box][/one_third]ولو أن هذه الدول الأربع (تركيا إيران العراق سوريا) اعترفت بالحقوق التي ضمنها الإسلام للقوميات لما كانت كردستان تهديدا لوحدة أراضي هذه الدول الأربع اليوم وذكرت بين الوعود الانتخابية للمسؤولين الأمريكيين؛ وإن الأكراد قد تجاوزوا في هذه المرحلة المطالبة بالتخلي عن إنكار هويتهم العرقية والتعليم بلغتهم الأم منذ وقت طويل. فما يتحدثون عنه الآن هو تحقيق مطالبهم كشعب يعني إيجاد وضع خاص بهم في المنطقة. والأمريكيون لا يهبون الأكراد وضعا خاصا بهم لتخليصهم من مشاكلهم بشكل دائم. بل يخططون لخلق فوضى ونزاع قد يدوم مائة سنة بين شعوب المنطقة.
وقد عبر السيناتور باول عما يدور في خلده أو نيته قائلا: “يجب منح دولة للأكراد كي يدافعوا عن أنفسهم أمام الجهاديين الراديكاليين. وأنا سأُقدم على فعل المزيد. سأرسم حدودا جديدة لكردستان، وأعدهم بتأسيس دولة جديدة لهم. وأنا على يقين بأننا إن وعدناهم بدولة خاصة بهم فإنهم سيحاربون حتى الرمق الأخير”. أي إن الغرب يريد إيقاع الفتنة بين شعوب المنطقة الواحدة ومن بينها الأكراد بحجة “الجهاديين”.. فما الحل إذن؟
سنتحدث في المقال القادم بإذن الله عن مقترح أوجلان.