ممتاز أرتركونه
تعتبر “كذبة واقعة ضرب امرأة محجبة” بمنطقة كاباطاش في إسطنبول بمثابة “فكّ حبل الكيس” الذي كشف عن شبكات خبيثة ومخططات قذرة لسلطة تلوثت من رأسها حتى أخمص قدميها.
وإذا أمسكتم هذا الحبل وسحبتموه فستجدون أمامكم كرة متلطخة تخرج من الكيس وتنحلّ عقدها إلى آخرها، ولا يبقى أي شيء في الظلام. علينا أن نقرأ المانشيت الرئيسي مع صورة مفبركة عبر برنامج “فوتوشوب” في صحيفة” صباح” الموالية للحكومة على أنه دلالة واضحة على جنون البعض الذين يحتلون قمة الدولة ويلاحظون الخطر الماثل أمامهم جراء هذه الكذبة، إضافة إلى إفلاس آلة الكذب في تلك الصحيفة. ماذا عساهم أن يفعلوا؟ فهم مكلفون بتنفيذ الأوامر. وكأنهم يقولون لقرائهم “اعذرونا، أصدروا أوامر لكي نعتبركم أغبياء”.
كان معلومًا بالقدر الكافي أن واقعة كاباطاش كذب في كذب. وأخيرًا أزاح أحدهم “رداء” السلطة الذي كان يغطيها. وكان مَن تسبب في إعادة تناول هذه الواقعة اليوم من جديد هو فيدل أوكان الذي تابع مراحل هذه الواقعة عن كثب مع جميع الكذابين. ويمكن لمن يريد أن يطلع على مقاله الذي أظهر الأكاذيب باحترافية عالية في حسابه على موقع فيس بوك.
يجب كذلك ألا ننسى مجهود سفيلاي يوكسلير؛ إذ لو وزعوا جائزة حملت اسم “جائزة الإعلام الموالي للحكومة” لكان يجب أن تمنَح تلك الصحفية هذه الجائزة بفارق كبير عن أقرب منافسيها. وفي الواقع فإن الشعب التركي مدين بالشيء الكثير لهاتين الشخصيتين.
وإلى جانب مقال فيدل أوكان، أوصيكم بقراءة مقال أوميت كيفانتش الذي تابع بدقة متناهية واقعة كاباطاش منذ بدايتها وسجل الصورة كاملة دون أدنى نقصان بصفته قادرًا على إقناع أكثر الأشخاص امتلاكًا للأحكام المسبقة.
والقول: “من يقول إن واقعة كاباطاش لم تحدث؟” ثم البدء بالحديث عن الحجاب والاعتداء الجنسي على النساء والدفاع عن واقعة كاباطاش على المستوى العاطفي، مثلما فعل يوسف ضياء جومرت، لا يغير أي شيء من حقيقة هذه الوضعية. كنت قد قلت سابقاً إنه “ثغاء الأغنام وصياحها جميعاً وفي نفس واحد لا يتحوّل إلى زئير أسد”. كذلك فإن الإصرار بشكل جماعي على الكذب لايغير الحقيقة. فواقعة كاباطاش ليست إلا عبارة عن كذبة كبيرة. ولنكرّرها مرة أخرى: إننا نتمكّن من وصف هذه الواقعة بـ”الكذبة” دون أن يساورنا أدنى شك، ليس لأن الجميع عجزوا عن إثبات وقوعها، بل لأن المشاهد المصورة الخاصة بمكانِ وزمانِ الواقعة تنفي بشكل قاطع صحة وقوع شيء من هذا القبيل. إن الإثبات أو الدليل يقع عليكم في القانون باعتباكم مدعين. لكننا هنا أمام واقعة ثبت عدم وقوعها فعلاً بالأدلة والبراهين القاطعة. ولاشك في أن دعم الرئيس أردوغان لهذه الواقعة وكتابة مقالات تحت عناوين موحدة بتعليمات قادمة من الأعلى لا يغير الحقيقة بأية حال.