ممتاز أر توركونه
ليس هناك أي مهرب أو ملجأ للذين يحاولون إثبات كذبة كاباطاش. وهذه الكذبة مثل الكذبة القديمة “العلويون أحرقوا جامعا” تماما.
وبسبب تلك الكذبة أُريقت دماء كثيرة في مدن كهرمان مرعش وتشوروم وسيواس. أولم تُرق الدماء في حديقة جيزي؟ فليس من الصعب الربط بين كذبة كاباطاش وموت الشاب بركين إلوان الذي لم يكن تجاوز بعد الـ 14 من العمر وغيرها من الجنايات التي وقعت أثناء أحداث جيزي بارك.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] إن أكاذيب كاباطاش تشكل جرما بحسب قانون العقوبات، ويتحمل جزاء هذا الجرم أولئك الذين روجوا لهذه الأكاذيب، والذين استغلوها لزرع الفتنة تجاه المشاركين في مظاهرات جيزي بارك. وإن قانون العقوبات يقضي بمحاكمة المتورطين في أكاذيب كاباطاش بدءا من الصحفيين وصولا إلى رئيس الوزراء، وثمة عقوبات مشددة حسب العديد من مواد قانون العقوبات.[/box][/one_third]ولا يحاولنَّ أحد إيجاد مسوِّغ لهذه الكذبة المستفزة، فلا علاقة لها بالصحافة أو الحجاب أو التحرش بالنساء. وليس هناك أي فرق بين الصحفيين الذين روجوا لأكذوبة كاباطاش رغم علمهم بأنها كذبة وبين ذلك المستفز المتنكر في زي بائع بطاقات اليانصيب في مدينة كهرمان مرعش عام 1978 ليصرخ بين الناس بأن العلويين يحرقون جامعا كي يحرض الناس ضد بعضهم وتنشب نار الفتنة. وإن خبر حرق جامع، أو التحرش بامرأة محجبة مع طفلها من قبل ما بين 70 و100 من المجرمين يتركان الأثر نفسه في نفوس الناس. والهدف الوحيد لدعاة الفتنة هو ما سينجم عن هذه الأكاذيب فقط. وما غير ذلك هو عبارة عن التفاصيل الثانوية.
وعلينا أن نشك في نوايا الذين يتجاهلون هذه الفتنة الواضحة ويحاولون إيجاد مسوِّغات لكذبة كاباطاش ويدافعون عنها. وجاء الرد – على من قالوا إنه حدثت تحرشات كثيرة غيرها- من نساء محجبات شاركن في التظاهرات وذهبن من منطقة تقسيم إلى كاباطاش فهذه الفتنة لها حسابات سياسية واضحة. وقد استُخدمت إمكانيات الدولة لتحقيق تلك الحسابات، وثمة هدف معين لها مثل أي حساب سياسي آخر.
في حين أن الفتنة ليست منحصرة في النساء المحجبات فحسب، فثمة صورة جامع معروف أيضا. فقد روِّجت لكذبة أن بعض المتظاهرين شربوا الخمر في جامع” بزمي عالم” في كاباطاش، وهي كذبة لا تقل عن كذبة محجبة كاباطاش. علما بأن مؤذن الجامع قال إنه لم يُشرب الخمر في المسجد. ولم يكن ناقصا في هذه القضية سوى مجيء الإمام لتقديم إفادته. وربما لم يسمح له المسؤولون بالحضور. إن المحكمة ربطت كل شيء بالأدلة الملموسة. ويشير الشهود في القضية إلى أن الأدلة ما هي إلا تقديم مساعدات طبية للجرحى في الجامع. وتشير الضغوط التي مورست على المحكمة إلى أن قرارها قد يؤجل إلى ما بعد 7 يونيو/حزيران.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] إن الطريقة الوحيدة لحماية المجتمع من تكرار ما حدث في كاباطاش ومن الفتن التي على شاكلتها تكمن في محاسبة المتورطين في أكاذيب كاباطاش. إذ يجب أن يُقتاد كل من له إسهام فيها إلى القضاء حتى لا يجرؤ أحد على مجرد التفكير في إطلاق كذبة أخرى كأكذوبة “إن العلويين يحرقون جامعا”.[/box][/one_third] وإن مخادعي كاباطاش لم يكونوا مسؤولين عن الكذبة التي روجوا لها فحسب بل هم مسؤولون كذلك عن الدماء التي أُريقت بسببها أيضا. علينا أن نصدر حكمنا في ذلك دون أن ننحرف إلى اليمين أو اليسار، وهو: لو لم ينتشر الشعور بالعداوة من خلال أكاذيب كاباطاش في أحداث حديقة جيزي، ولو لم يكن تأجيج هذه العداوة من قبل رئيس الوزراء حينها واعتبارها سياسة حكومية لربما كان الذين فارقوا الحياة ما زالوا أحياء اليوم. نحن نتحدث عن تحويل مظاهرات سلمية بدأت بالتعبير عن مطالب مدنية إلى أحداث إجرامية. فمن الذي سيدفع ثمن ما تعرض أولئك المتظاهرين من المظالم والغازات السامة والعنف من قبل الدولة. ومن الذي سيتحمل وزر الأرواح التي زهِقت؟ ولا يحاولن أحد أن يبرئ نفسه من تحمل الوزر في هذه الجرائم. وإننا نتحدث عن المجتمع الذي تعرض للظلم والإهانة والترويع من خلال إمكانات الدولة وقوة الحكومة لا عن الصحفيين والنساء اللواتي تعرضن للتحرش.
إن أكاذيب كاباطاش تشكل جرما بحسب قانون العقوبات، ويتحمل جزاء هذا الجرم أولئك الذين روجوا لهذه الأكاذيب، والذين استغلوها لزرع الفتنة تجاه المشاركين في مظاهرات جيزي بارك. وإن قانون العقوبات يقضي بمحاكمة المتورطين في أكاذيب كاباطاش بدءا من الصحفيين وصولا إلى رئيس الوزراء، وثمة عقوبات مشددة حسب العديد من مواد قانون العقوبات.
وكنتُ قد كتبتُ مقالا في 1 يونيو 2013 عن أحداث جيزي: “ليس هناك أي عذر يبيح ما حصل. فالمبادرة الشعبية التي ظهرت بدافع الحرص على جمال المدينة تعرضت لهجمة عنيفة. وإن الجهات المكلفة بأداء الخدمة العامة، تروِّع وتعذب الناس علنا. فبات الناس ضحية للظلم ولاستعمال القوة المفرطة. فما هو المبرر في هذا الأمر؟”
والآن نحصل على جواب ذلك السؤال من خلال فك رموز أكاذيب كاباطاش. وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة لحماية المجتمع من تكرار ما حدث في كاباطاش ومن الفتن التي على شاكلتها تكمن في محاسبة المتورطين في أكاذيب كاباطاش. إذ يجب أن يُقتاد كل من له إسهام فيها إلى القضاء حتى لا يجرؤ أحد على مجرد التفكير في إطلاق كذبة أخرى كأكذوبة “إن العلويين يحرقون جامعا”.