أكرم دومانلي
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشارك في افتتاح أحد المشروعات الأسبوع الماضي وفي تلك الأثناء صاح أحدهم مناديًا له بقوله: “مرحبًا بك يا رسول الله!”. لا نعرف إن كان هذا الرجل مجنونًا أم لا. لكن كان يجب على أردوغان أن يعترض بقوله: “أستغفر الله، ماذا تفعل يا هذا؟ رُسُل الله هم الأنبياء، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين”. لكن السيد أردوغان لم يتلفّظ بأي كلمة من هذا القبيل لا في تلك الأثناء أو بعد ذلك.
لو كانت حادثة فردية لكان من الممكن أن نفسّرها بأن أحدًا لم يسمع هذه العبارة المجنونة والضالة ولم يهتم بأمر ذلك الرجل المجنون (بل الضالّ) الذي تخطّى حدوده. لكن للأسف فإن هذا النوع من العبارات قيل كثيرًا، والسيد أردوغان آثر السكوت أمامها في كل مرة.
راجعوا ضمائركم وجرّدوا أنفسكم من نقاشات السياسة النارية، وقرروا ما إذا كانت هذه العبارات تستوجب التوبة أم لا: “الزعيم الذي جمع في شخصه كل صفات الله” (النائب البرلماني عن مدينة دوزجه وفائي أرسلان)، “السيد أردوغان يعتبر بالنسبة لنا رسولًا ثانيًا” (رئيس شُعبة حزب العدالة والتنمية بمدينة آيدن إسماعيل حقي أسر)، “يعتبر حتى لمس رئيس الوزراء أردوغان عبادة” (النائب البرلماني عن مدينة بورصا حسين شاهين)، “لقد أصدر الله الأمر، ولن تستطيع أن توقفه أنت ولا أوقفه أنا” (المرشح في الانتخابات البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية من مدينة شانلي أورفا مصطفى جوكطاش).
وكان أردوغان قد قال في إحدى كلماته إن “رحمتي سبقت على غضبي”، ليؤوِّل الحديث القدسي الوارد في هذا المقام. ولقد قيلت الكثير من العبارات التي تحمل تلميحات شِرك، ولو هممنا إلى كتابتها واحدة تلو الأخرى فلن يتسع المقام في هذا المقال.
كانت إحدى البلديات التابعة لحزب العدالة والتنمية قد نظّمت برنامجًا للاحتفال بعيد ميلاد أردوغان. وقد أعدّ مسؤولو البلدية اللافتات وزينوها بالورد الأحمر وأسماء الأناشيد الدينية التي ستنشَد خلال الحفل، الأمر الذي شابه إلى حد بعيد الاحتفال بالمولد النبوي في تركيا. وعندما ظهرت تلك اللافتات وجّهَت أصابع الانتقاد إلى القائمين على إدارة البلدية. وعقب ردود الأفعال الغاضبة اضطرت إدارة البلدية إلى إزالة تلك اللافتات.
للأسف نحن أمام وضعية محزنة للغاية بغض النظر عما يقوله القائلون. فالمجانين والمعاتيه صار بإمكانهم الخروج علينا في أي وقت والتلفّظ بعبارات متخطّية للحدود. غير أنه يجب على كل إنسان يحمل في قلبه عقيدة التوحيد ألا يسمح بانتشار هذه الأفكار وأن يدْعوا المتملّقين إلى الاعتدال.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد عاتب أولئك الذين قاموا لاستقباله وصار مثالًا يحتذي به الجميع في التواضع عندما قال: “لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظّم بعضهم بعضًا”. وكان يعاتب أي مؤمن يمدح أخاه المؤمن أمامه بقوله: “لقد كسرت عنق أخيك”. لكن اليوم فإن المديح الذي لا حد له لا يؤلم أحدًا.
ألف أستغفر الله!