محمد تشتينجولتش
البطالة تزيد من مآسي العائلات يوما بعد يوم لكن الحكومة التركية التي لا توفر فرص عمل جديدة تفضل إخفاء الأرقام.
ففي مطلع العام الماضي تغيرت طريقة الإحصاء . حيث كان في السابق يعتبر كلُّ من يبحث عن عمل منذ 3 أشهر عاطلا عن العمل. أما الآن فتم خفض هذا الرقم إلى 4 أسابيع، إذ أصبح كلُّ من لا يبحث عن عمل منذ 4 أسابيع الأخيرة لا يُعتبر عاطلا.
وقد تم إخفاء عدد العاطلين وفق الطرق الإحصائية المختلفة في السنة الماضية، لكنه بلغ نحو 400 ألف عاطل.
ولو لم تتغير طريقة الإحصاء لوصل العدد الرسمي للعاطلين عن العمل إلى 3 ملايين و500 ألف شخص حيث كان عددهم الرسمي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 3 ملايين و96 ألفا. وتم تخفيض عدد العاطلين عن العمل على الورق فقط، وليس على أرض الواقع.
إنه رقم مفبرك، إذ لم يعد يتم إحصاء الذين ما عادوا يبحثون عن العمل لأنهم فقدوا الأمل في العثور على عمل، بل باتوا يندرجون تحت قائمة “اليائسين”. علما بأن المندرجين تحت هذه القائمة عاطلون عن العمل منذ وقت طويل. لكن في الأسابيع الأربعة الأخيرة أصبح من لم يراجعوا أية مؤسسة للبحث عن عمل لا يدخلون في عداد العاطلين. فإذا أضفنا عدد اليائسين إلى العاطلين عن العمل لتبين أن العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل هو 5 ملايين و 600 ألف.
وكان نائب حزب الشعب الجمهوري في البرلمان البروفسور الدكتور خورشيد جونداش قد أوضح أنه حال استمرار الوضع على هذه الوتيرة فسوف يزداد عدد العاطلين عن العمل بنحو 400 ألف ليصل في نهاية هذا العام إلى 6 ملايين. كما جهز خورشيد جونداش جدولا بين فيه بكل وضوح الآثار التي تركتها “المعجزة الاقتصادية” لحكومات العدالة والتنمية على المواطن.
لقد مرت تركيا بأكبر أزمة اقتصادية عام 2001 حث تسلم الحكم ائتلاف من أحزاب اليسار الديمقراطي والحركة القومية والوطن الأم. وعلى الرغم من الأزمة فقد كانت نسبة البطالة عام 2003 في تركيا 10.5% بحيث بلغ العدد الرسمي للعاطلين عن العمل مليونين و493 ألف شخص. وبإضافة 4% أي 946 ألف شخص يائس من العثور على عمل، تصبح نسبة العاطلين عن العمل 14.5% ليبلغ عددهم 3 ملايين و439 ألفا فقط.
لكن ما هو الوضع اليوم؟
بلغت نسبة العاطلين عن العمل في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي 10.7% بحيث كان العدد الرسمي 3 ملايين و96 ألفا. وكانت نسبة اليائسين في 2003 بمقدار 4% والآن ارتفعت هذه النسبة إلى 9%. وبناء عليه فإن مجموع نسبة العاطلين عن العمل 20% ويكون عددهم 5 ملايين و600 ألف. وهذه المقارنة تشير إلى ازدياد نسبة العاطلين عن العمل في السنوات الـ12 الأخيرة بمقدار 5.5% وهي تقابل مليونين و200 ألف عاطل.
هذا هو انعكاس التنمية الاقتصادية والدخل القومي الذي ازداد إلى 3.5 ضعفا على الشعب التركي في عهد هذه الحكومة التي يقال إنها الأكثر نجاحا.. لا نشهد سوى المزيد من البطالة والمزيد من اليائسين.
وكانت أمريكا وأوروبا عملتا في عهد قريب على تخفيض نسبة البطالة رغم الأزمة الاقتصادية. أما نحن فعلى العكس إذ أصبح من غير الممكن خروج العاطلين واليائسين إلى الشوارع ليحتجوا ويرفعوا أصواتهم حتى ينفّسوا عن أنفسهم ولو قليلاً بعد سنّ حزمة قانون الأمن الداخلي.
علما بأن هناك ملايين الناس الذين ما عادوا يتحملون الوضع لأن سبل العيش ضاقت بهم، ولا يخرجون في تظاهرات بسبب خوفهم من الغازات المسيلة للدموع ومن التعرض للمصفحات. فهؤلا الناس موجودون حتى لو تجاهلتموهم.
إن 5 ملايين و600 ألف عائلة تشعر كل يوم بآلام البطالة والفقر والجوع. لقد نجحتم في إخفاء الأرقام لكن كيف ستتسترون على هؤلاء الناس.