أنقرة (زمان عربي) – كشفت عملية سليمان شاه التي نفذها الجيش التركي ليلة 22 فبراير/ شباط الماضي داخل الأراضي السورية لإجلاء الجنود ونقل رفات وضريح”سليمان شاه” إلى مكان آخر عن المنافسة العميقة والجدل الكبير بين كبار مسؤولي الدولة.
وكان جدال وقع بين رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان حول دور كل منهما في عملية نقل ضريح سليمان شاه التي تقيّمها أحزاب المعارضة على أنها انسحاب وتقهقر إلا أن حكومة حزب العدالة والتنمية ووسائل الإعلام الموالية لها تصر على أنها انتصار عظيم، حيث ادعى كل منهما أنه من أشرف على العملية وتنفيذها.
وأدلى داودأوغلو بصفته رئيس الحكومة بتصريحات عن العملية من اليوم الأول ليعطي لهذا الجدل بعدا آخر. وأعلن للصحف ووسائل الإعلام أمام رئيس الأركان العامة وقادة القوات المسلّحة أنه أشرف بنفسه على عملية سليمان شاه التي وصفها بأنها تمت كالساعة في دقتها وأنه تابعها لحظة بلحظة حتى نهايتها من مقر رئاسة هيئة الأركان العامة للجيش.
ومن ناحية أخرى تناقلت القنوات التليفزيونية على مدار الساعة الصور التي تم التقاطها لداود أوغلو لحظة العملية داخل مقر رئاسة هيئة الأركان العامة، كما أفردت الصحف في اليوم التالي مساحات كبيرة لهذه الصور.
إلا أن القصر الجمهوري الذي شعر بانزعاج من ذلك لم يقف صامتًا حيث أصدر هو الآخر في 22 فبراير/ شباط بيانا خطيّا مكتوبا بأربع لغات عن العملية أشعل هذا الجدل. وقال البيان على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان” أشرفتُ على العملية بنفسي وتابعتها لحظة بلحظة” وأوضح أن أردوغان كان على علم بخطة العملية قبل أشهر، قائلا: “ليس منذ أسبوع أو حتى شهر نخطط لهذه العملية، بل نعد هذه الخطط منذ أشهر. وقد تم إعداد الخطة بعزيمة وإرادة. وقد حانت الساعة وحصلنا على النتيجة التي أمامنا”.
وفي الوقت الذي كان يدور فيه الحديث والنقاش بين الرأي العام عن المعنى الذي يمكن استنباطه وتفسيره من هذه التصريحات، سرعان ما تدخل فؤاد عوني المدون المشهور على موقع التواصل الاجتماعي” تويتر” المعروف بتكهناته الصائبة ليظهر لهم الصورة بوضوح.
وقال فؤاد عوني في تغريدة له إن أردوغان” حاول ألا يظهر في الصورة في البداية، وفضّل أن يكون في الخلفية، تخوفا من احتمال دخول الجنود في اشتباكات وخشية أن يحمله الشارع التركي مسؤولية ذلك، وحتى يتمكن من اتهام داود أوغلو إذا فشلت العملية. ولكن بعدما تبين أنه لم تقع اشتباكات ونجحت العملية وبدأ الإعلام الموالي يكيل المديح لداود أوغلو وكأنه حقق انتصارا عظيماً، غضب أردوغان على ذلك وأمر إعلامه أن يكتب أنه هو الذي أشرف على العملية ويقوم بالدعاية لصالحه”.
اللافت أن الإعلام الموالي لأردوغان أفرد عناوين قال فيها “الانتصار الأول للقائد العام”، أي أردوغان، الأمر الذي أزعج داودأوغلو كثيرًا واضطره إلى أن يدلي للمرة الثانية في 25 فبراير بكلمة أمام نواب حزب العدالة والتنمية بالبرلمان ليؤكّد لهم أنه هو من كلَّف ببدء التخطيط لنقل ضريح سليمان شاه قبل شهر وهو من أصدر تعليمات العملية.
وقال داودأوغلو: “أعطيت رئاسة هيئة الأركان التركية التوجيهات اللازمة قبل شهر من موعد انطلاق العملية، وتم الشروع في التجهيز لها بجدية”.
إلا أن القصر الجمهوري لم يقف صامتاً للمرة الثانية حيال هذه التصريحات وجاء الرد هذه المرة من صحيفة”صباح” التي تديرها عائلة أردوغان؛ وساقت ادعاء يفوق سيناريوهات الأفلام في خبر لها تحت عنوان “القائد العام كان يشرف على العملية”، وزعمت أن أردوغان أصدر تعليمات العملية قبل أسبوع من تنفيذها أثناء زيارته لمدينة مالاطيا شرق البلاد.