إسطنبول (زمان عربي) – تبين أن 40 جنديا تركيا كانوا يقومون بحراسة ضريح “سليمان شاه” داخل الحدود السورية تم احتجازهم كرهائن من قبل تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي “داعش” وأن حكومة أنقرة تطرح على طاولة النقاش مخططا لإجراء عملية واتخاذ قرار حاسم في هذه المسألة التي تحوّلت إلى أزمة وطنية.
كما تبين أن الادعاءات التي تحدث عنها الكاتب الصحفي ميتيهان دمير في نهاية الشهر الماضي بأن الجنود الأتراك الذين يقومون بحراسة الضريح تم احتجازهم كرهائن من قبل تنظيم” داعش” منذ 11 شهرا قد تحولت لأزمة وطنية وأن تركيا قد خططت للقيام باتخاذ قرارات بشأن المنطقة.
وكتب دمير مقالا جديدا حول هذا الموضوع في مدونته الشخصية قال فيه: “لقد أصبح موضوع ضريح سليمان شاه أزمة وطنية”. وفيما يلي المعلومات المفاجئة والصادمة التي أوردها الكاتب في مقاله:
“إن حالة الاستقطاب والصدمات الاجتماعية والسياسية التي تحدث مرارا وتكرارا في البلاد – وكأن موجة الكراهية المتصاعدة تدريجيًا غير كافية- جعلت من الصعب حتى التنفس. ناهيك عن أن أخبار الصدمات الشديدة مثل؛ قتل فتاة بصورة بشعة عن طريق حرقها ومحاولة اغتصابها (أوزجيجان أصلان) وقتل صحفي وهو يلعب بالكرة الثلجية، وإصابة نواب أحزاب المعارضة بعد العراك الطاحن في البرلمان، كل ذلك يزيد من حالة اليأس والتعاسة لدى الناس. وفي الوقت الذي تقع فيه كل هذه الأحداث تشهد تركيا من ناحية أخرى تطورات تقشعر لها الأبدان في بعض النقاط والمواضيع الحرجة”.
مؤامرت في مؤامرت
“والأنكى من ذلك أن تركيا إذا لم تتصرف بعقلانية في هذه الدوامة المحفوفة بالمؤامرات فسيكون الوضع أكثر خطورة على الجنود وستقع في الفخ. وقد تحدثت عن مخاطر ذلك في المقال الذي كتبته في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي بعنوان: “ادعاءات تقشعر لها الأبدان في ضريح سليمان شاه”. وحسب الادعاءات؛ لم يتم تغيير الجنود الأتراك الذين يقومون بحراسة ضريح سليمان شاه داخل الحدود السورية والأرض الوحيد لتركيا خارج البلاد. في حين أنه عادةً ما يتم تغيير الجنود الذين يقومون بحراسة الضريح مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر أو ستة أشهر على الأكثر إلا أنه لم يتم تغييرهم منذ شهر مارس/ آذار الماضي أي منذ 11 شهرا لأن تنظيم داعش لم يسمح بذلك”.
“أما عن المعلومات التي وردت أمس فكانت غير سارة بالمرة وتبين أنها حقائق وليست ادعاءات. نعم! لقد قام تنظيم داعش الذي استولى على المنطقة برفض طلب أنقرة الذي تقدمت به في يونيو/ حزيران الماضي بطلب تغيير 40 جنديا. وبعدها وردت ردود بالرفض أكثر من مرة، وهو ما يعني أن ذرائع “إن الجنود يقومون بعمل اختبارات القدرة على التحمل على المدى الطويل” ليست صحيحة. فالجنود بقوا عالقين هناك منذ ذلك اليوم حتى اليوم. ولاتزال تتواصل تهديدات الهجوم عندما انفصلوا عن الضريح وعزموا الذهاب. لدرجة أن لوازم الإمدادات والأغذية لا تتم عن طريق تركيا ويقوم تنظيم داعش بتوفيرها”.
قرار الغارة على طاولة البحث
وتقوم حكومة أنقرة في الآونة الأخيرة بمتابعة هذا الموقف عن قرب خلف الأبواب المغلقة دون أن تفصح عنه للرأي العام. لدرجة أنها تطرح على طاولة النقاش تفاوض مع تنظيم داعش لتبادل بعض الأسماء المعتقلة في تركيا مقابل إطلاق سراح الجنود الأتراك. ولكن اللافت في هذا الموضوع هو تفكير رئاسة الأركان التركية في القيام بعملية شاملة في حال استمرار المسألة بهذه الصورة. لدرجة أنهم تداولوا سيناريوهات مختلفة للقيام بذلك.
وفي هذا الصدد تظهر معادلة معقدة؛ فعلى الرغم من أن شن عملية شاملة سيطمئن غرائز ويريح غرور البعض إلا أن ذلك يعني في الوقت نفسه أن تركيا ستدخل في اشتباكات طاحنة على أرض دولة أخرى. وبعدها قد يتمخض ذلك عن خطر كبير مثل الزج بها في حرب.
بيد أن ما يجعل هذا الخيار يستبعد حاليا هو اقتراب قوات البشمركة الكردية التي تستمر في بسط نفوذها على تنظيم داعش عقب إعادة استحواذها على بلدة كوباني (عين العرب) من التنظيم إلى المنطقة المتواجد بها ضريح سليمان شاه. وهو ما يعني أن النجاح القادم لهذه القوات في طرد داعش من المنطقة هو أمر حيوي ومهم جدًا لعودة الجنود إلى تركيا.
إلا أنه في الوقت الذي تقع فيه كل هذه الأحداث نرى أنه من الأهمية بمكان أن نعلمكم بأن داعش قام بعملية حيوية للغاية إذ إنها نشرت جزءا كبيرا من مقرها حول محيط ضريح سليمان شاه. وبهذا يعتقد التنظيم أنه في مأمن حاليا لأنه يستخدم الضريح كدرع لحمايته. كما عرضت أنقرة على التنظيم أنه في حال عبور الجنود سالمين من الضريح لتركيا سيمكنهم العودة للعراق.
وهناك عنصر أخر يخلق حالة من القلق ألا وهو احتمال وجود بعض مقاتلي التنظيم الذي قد يرغبون في محاسبة أنقرة، بما في ذلك احتمالات حدوث هجمات إرهابية في المحافظات القريبة من الحدود داخل تركيا. وأعتقد أن أنقرة أرسلت رسائل تحذيرية للمحافظات بشأن هذا الموضوع، وأعتقد أيضًا أنه يجري البحث عن بعض عناصر التنظيم في جميع أنحاء تركيا.