شاهين ألباي
صاح رئيس الوزراء التركي أحمد داودأوغلو بصوته الجهوري الجديد الخادش للآذان قائلًا: “نطالب بالوحدة والتوحيد، وجوابنا واضح وصريح على أولئك الذين يرغبون في بثّ روح النفاق بيننا، سنجفف منابع النفاق وسنوقفهم عند حدودهم!” (13 فبراير / شباط) لكن هذه الصيحات ربما لا تكون علاجاً ناجعاً لبذور “النفاق” المنثورة داخل حزب العدالة والتنمية بمرور الوقت.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]بولنت أرينتش: يجب أن تؤدّى الأمانة إلى أهلها، ولا يمكن إسنادها إلى أحد غير أصحاب الأمانة. وهذا ما هدم مستقبل حزبي الوطن الأم والطريق القويم في الماضي… نحصل في الانتخابات كحزب حاكم على 50% من الأصوات غير أن الـ50% الباقية تتحول إلى خطاب عدائية وكراهية. في الماضي كنا نخرج إلى الشوارع، وكان أنصارنا يحبوننا كثيرًا، كما كان خصومنا يحترموننا. لكني اليوم أشعر بنظرة مليئة بالكراهية. فهناك حالة من التصلُّب والانقسام في المجتمع التركي. [/box][/one_third]نشاهد أن تعارض وجهات النظر داخل صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تسير إلى ما هو أبعد من قمة الحزب، وتنتشر حتى بين صفوفه أعضائه. وكان أول من قدّم إشارة على هذا هو أتيان محجوبيان كبير مستشاري داود أوغلو؛ إذ قال: “وقائع الفساد ليست كلامًا فارغًا… كما أن نصْف ناخبي حزب العدالة والتنمية ليسوا ممتنين من هذه الوضعية”. (23/11/2014)
وقد ظهرت إشارة أكثر وضوحًا مع تصويت 50 نائبًا برلمانيًا ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية على إحالة الوزراء الأربعة المستقيلين إثر فضيحة الفساد إلى المحكمة العليا. (20 يناير / كانون الثاني) وطالب رئيس الوزراء المستقيلين من الوزراء المعنيين بالقضية بالذهاب إلى المحكمة العليا من تلقاء أنفسهم، لكن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان لم يسمح بذلك.
أما بقية الإشارات فجاءت تباعا على النحو التالي:
– عقب التحذير الذي أطلقه أردوغان وقال فيه “لو نزلتم بإقرار الذمة المالية إلى مستوى رؤساء شُعب المحافظات والبلديات فلن تجدوا شخصًا يقوم بهذه المهام…”، سحب داود أوغلو مشروع قانون “الشفافية” الذي قال إنه يوليه “اهتمامًا كبيرًا”. وقال الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين دميرطاش متهكمًا على داود أوغلو: “يفضَّل ألا يدلي السيد داود أوغلو بمثل هذه التصريحات دون أن يرجع إلى رئيس الجمهورية” (9 فبراير / شباط).
– فيما يلي نورد عبارات ثقيلة قالها بولنت أرينتش أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية ونائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة: “يجب أن تؤدّى الأمانة إلى أهلها، ولا يمكن إسنادها إلى أحد غير أصحاب الأمانة. وهذا ما هدم مستقبل حزبي الوطن الأم والطريق القويم في الماضي… نحصل في الانتخابات كحزب حاكم على 50% من الأصوات غير أن الـ50% الباقية تتحول إلى خطاب عدائية وكراهية. في الماضي كنا نخرج إلى الشوارع، وكان أنصارنا يحبوننا كثيرًا، كما كان خصومنا يحترموننا. لكني اليوم أشعر بنظرة مليئة بالكراهية. فهناك حالة من التصلُّب والانقسام في المجتمع التركي. وبالرغم من أن هذه الحالة لن تحول دون حصدنا للخمسين بالمائة من الأصوات، لكن هذا ربما يدفع بتركيا لتكون دولة غير قابلة للإدارة”. (7 فبراير / شباط)
– استقال رئيس جهاز المخابرات خاقان فيدان من منصبه، مخالفًا لرغبة الرئيس أردوغان، للترشح في الانتخابات البرلمانية المقبل عن حزب العدالة والتنمية. (7 فبراير / شباط) قال أرودغان معلقًا على خبر الاستقالة “ربما يكون قد حصل على بعض الوعود”.
– خرج داود أوغلو عن صمته للحديث عن النظام الرئاسي “على الطريقة التركية” التي يريدها أردوغان بقوله: “ليست المسألة عبارة عن جمع القوة بين يدي شخص واحد داخل نظام دستوري غير تحرري. فلا رئيس الجمهورية يريد هذا ولا أنا ولا يمكن لأي سياسي عاقل في تركيا أن يتصور شيئًا خاصًا بمستقبله هو فقط…” (5 فبراير / شباط) بيد أن الأغلبية الساحقة في المجتمع التركي تتفق على فكرة أن “الرئيس أردوغان يريد جمع كل السلطات بيد شخص واحد”. كما نفهم أن معظم أعضاء حزب العدالة والتنمية لايرون أن النظام الرئاسي يعتبر مناسبًا لتركيا. (جريدة طرف، 14 فبراير / شباط)
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] إن تركيا ليست مجتمعًا بدائيًا بالقدر الذي يظنه أردوغان، فحتى حزب العدالة والتنمية نفسه لن يتحمل نظام حكم الرجل الواحد… وربما تصدّق الأيام القادمة على كلامي. [/box][/one_third]- كان جواب نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الاقتصادية علي باباجان واضحًا على الرئيس أردوغان الذي يمارس ضغوطًا على البنك المركزي لخفض الفائدة، الأمر الذي يهدّد استقلالية البنك المركزي وهي: “الصلاحية المطلقة في هذا الشأن للبنك المركزي، ومن حيث وجهة نظر الحكومة يجب ألا يكون ذلك موضوعًا لنقاش يومي… وإلا فإن المخاطر والفوائد ربما ترتفع”. (14 فبراير / شباط)
– ربما نعتبر تصريحات رئيس البرلمان جميل تشيشك علامة على تداعي بنيان حزب العدالة والتنمية؛ إذ قال: “لن أستطيع الترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة بمقتضى القانون الداخلي للحزب. وربما تكمن أكبر صعوبة تواجهها تركيا في أنه: يُستفاد بالدرجة القصوى من أولئك الذين تولوا مهامًا محددة في الديمقراطيات المتقدمة…” (15 فبراير / شباط)
– لاشك في أن الانهيار الأساسي سيظهر عند الإعلان عن قوائم المرشحين لخوض غمار الانتخابات البرلمانية يوم 24 أبريل / نيسان المقبل. وكما تعلمون فمَن يحدد المرشحين يكون هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة داخل الحزب. وكانت الصحف التركية قد تناولت خبرًا لعبارةٍ قال فيها أردوغان لداود أوغلو “لنعطِك مدينة كونيا…” (صحيفة طرف، 5 فبراير / شباط)
لم تبقَ مساحة في المقال لذكر علامات “النفاق” الأخرى بين صفوف حزب العدالة والتنمية.. أكتب وأقولها دائمًا: إن تركيا ليست مجتمعًا بدائيًا بالقدر الذي يظنه أردوغان، فحتى حزب العدالة والتنمية نفسه لن يتحمل نظام حكم الرجل الواحد… وربما تصدّق الأيام القادمة على كلامي.