أورخان كمال جنكيز
يمتلك جهاز المخابرات كل المعلومات الخاصة برحلة خرجتَ فيها أو مقر عملك إذا كنت طبيبًا أو مهندسًا أو محاميًا أو غير ذلك وكذلك كل المعلومات الخاصة بجميع الدعاوى التي رفعتَها أو التي سترفعها حتى لو كانت دعوى طلاق.
كما يمتلك جهاز المخابرات معلومات بشأن هوية مَن تحدثتَ معه وأي الصفحات دخلتها على شبكة الإنترنت ومَن الذي أرسلت له رسائل عبر البريد الإلكتروني.
واليوم يقولون إن هذا يدخل ضمن نطاق قانون الأمن الداخلي ويمنحون الشرطة، كما هو الحال بالنسبة لجهاز المخابرات، صلاحية التنصت على المكالمات الهاتفية دون أي حكم قضائي أو حتى الحصول على موافقة النيابة العامة.
وتستطيع الشرطة تفتيشك أنت وسيارتك دون أي حكم قضائي، ولاشك في أنهم سيضيفون منزلك كذلك إلى هذه القائمة بعد فترة قصيرة. أي أنه لن يكون لدى المواطن التركي شيئ اسمه “حياة خاصة”.
لكن عندما يتعلق الأمر بأصحاب السلطة يدخل كل شيئ ضمن نطاق الحياة الخاصة، ولهذا السبب كل شيئ خارج عن دائرة معرفة المواطن العادي.
على سبيل المثال، عندما طرح أعضاء بالبرلمان نقاشًا متعلقاً بالتسجيل الصوتي المنسوب للرئيس رجب طيب أردوغان يتحدث فيه مع نجله بلال حول “تصفير الأموال وإخفائها”، رأينا كيف أن رئيس البرلمان قال: “هذا حديث جرى بين أب وابنه ويدخل في نطاق الحياة الخاصة ولا أستطيع أن أتخذ أي إجراء إزاء ذلك”.
وأذكر لكم مثالًا آخر، عندما طرح أحد النواب البرلمانيين سؤالًا حول حجم ثروة أردوغان أجاب وزير العدل بقوله: “يتعلق هذا السؤال بحياة الرئيس الشخصية ولا أستطيع أن أقدّم أي معلومات بشأنه”.
وبحسب خبر نشرته صحيفة” بيرجون” التركية يوم 14 فبراير/ شباط الجاري فقد طُرح سؤال على مكتب الاستعلامات حول “عدد الصحفيين الذين رفع ضدهم أردوغان دعاوى تعويضات وعقوبات” لكن أحدًا لم يجب عن هذا السؤال بحجة أنه “يتعلق بالحياة الخاصة للرئيس أردوغان”.
لم يشهد تاريخ البشرية “حياة خاصة” بهذا الشكل إلى يومنا هذا يا صديقي… ألا يسألون كيف سيكون حال تركيا إذا انتقلت إلى النظام الرئاسي؟
فإذا اتحد قانون المخابرات وحزمة الأمن الداخلي مع النظام الرئاسي سيكون حينها المواطن التركي عريانًا كما ولدته أمه أمام الدولة، حتى أنهم سيتدخلون حتى في أدق تفاصيل حياته. وفي مقابل ذلك سيكون كل ما يحدث في القصر الرئاسي الجديد “القصر الأبيض” ذي الأكثر من ألف غرفة سرًا من أسرار رئيس الجمهورية.