أنقرة (زمان عربي) – امتنعت هيئة رئاسة الشؤون الدينية التركية عن الرد على الأسئلة الواردة إليها بخصوص “هل الرشوة والفساد حرام؟” عقب عمليات الفساد والرشوة التي تكشفت وقائعها في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2015 كما قامت بحذف الأسئلة من موقعها الإلكتروني.
وكان الرأي العام في تركيا قد وجه انتقادات لرئيس الشؤون الدينيةمحمد جورماز لعدم تحريكه ساكنًا تجاه أعمال الفساد والرشوة.
وتبين أن رئاسة الشؤون الدينية التي حذفت الأسئلة المتعلقة بالرشوة من موقعها قد غفلت عن كتاب لا يزال يطبع حتى اليوم. إذ إن هناك كتاباً لفخري دمير يذكر فيه بوضوح أن الرشوة حرام. واللافت أن هذا الكتاب صدر منه خمس طبعات عن الشؤون الدينية وهو موجود في مكتبتها.
وبمجرد أن لاحظت الشؤون الدينية هذا سارعت بوقف طبع الكتاب ما يؤكد بوضوح أن الحكومة التي تسيطر على جميع مؤسسات الدولة تسيطر بشكل فعلى على رئاسة الشؤون الدينية كذلك.
وإليكم تاريخ المؤسسة من موقها الرسمي:
الموجز التاريخي لرئاسة الشؤون الدينية في تركيا
من الواضح أنه في كل الأحوال هناك حاجة لمؤسسة ذات طابع رسمي تقوم بتسيير كافة الشؤون الخاصة بالدين الذي يعتبر عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه في الحياة الاجتماعية. تتشكل الخدمات الدينية في العالم تبعاً لخصائص العادات والتقاليد في كل بلد. ومن المتعارف عليه في تركيا من الماضي وإلى يومنا هذا أن الخدمات الدينية هي خدمات عامة. وكانت الدولة العثمانية تعنى بإدارة الشؤون الدينية للأكثرية المسلمة كما كانت تعنى بسائر الأقليات في إطار مفهوم الخدمات العامة.
قام شيخ الإسلام الذي كان يعتبر موظفاً حكومياً بإدارة الشؤون الخاصة بدين الإسلام والخدمات المقدمة للمسلمين في الدولة العثمانية. وكانت مشيخة الإسلام حتى آخر قرنين في الإمبراطورية تقوم بالإشراف على شؤون التعليم والقضاء إلى جانب الشؤون الدينية والأوقاف. ولكن بعد التنظيمات العثمانية ومع تأسيس وزارتي العدل والمعارف فأصبح مجال عمل مشيخة الإسلام مقتصراً على الشؤون الدينية. وقد حدثت تغييرات مع الزمن في مكانة شيوخ الإسلام، الذين كانوا يعيَّنون للقيام بهذه الخدمة طوال عمرهم، لدى أركان الدولة. وكان شيوخ الإسلام أعضاءً دائمين في الديوان (مجلس الوزراء)، كما كانوا يشاركون في اجتماعات الديوان عند الحاجة إليهم. وبعد الانتقال إلى نظام مجلس الوزراء في الفترة الأخيرة أُعتبر شيخ الإسلام عضواً في المجلس تحت اسم وزير الشريعة والأوقاف وأصبحت مدة خدمته مرتبطة بعمر الحكومة التي أصبح عضواً في مجلسها.
قبل إعلان الجمهورية، لم يتم إهمال الخدمات الدينية في حكومة مجلس الشعب التركي الكبير التي تشكلت في مرحلة صعبة للغاية مرت فيها بأحوال طارئة كحرب الاستقلال وإنشاء دولة جديدة، فقد نقلت خدمات مشيخة الإسلام ووزارة الأوقاف التي كانت في عهد الدولة العثمانية في الحكومة المشكلة بتاريخ 3 أيار/ مايو 1920 إلى وزارة تحت اسم وكالة الشريعة والأوقاف، وقامت بتسيير الخدمات الدينية في الدولة حتى إنشاء رئاسة الشؤون الدينية في 3 آذار / مارس 1924. ومن ثم تم إلغاء هذه الوزارة التي لعبت دور جسر يربط بين مشيخة الإسلام في الدولة العثمانية ورئاسة الشؤون الدينية في الجمهورية وذلك بموجب فكرة ضرورة حفظ الشؤون الدينية بعيداً عن السياسة وأعلى منها.
فبالإضافة إلى كونها مؤسسة تابعة للجمهورية والمرتبطة جذورها التاريخية بمشيخة الإسلام والتي أنشئت للاستمرار في القيام بالمهمة التقليدية لمشيخة الإسلام، وقد تم بيان مهام رئاسة الشؤون الدينية في قانون التأسيس في 3 أذار/ مارس 1924 في القانون رقم 429 كالآتي ” تسيير الأعمال الخاصة بمجال العبادات والاعتقاد في دين الإسلام، وإدارة المؤسسات الدينية.” ومنح القانون لرئاسة الشؤون الدينية مسؤولية إدارة كافة المساجد والجوامع الموجودة في الدولة مع موظفيها، وكذلك مسؤولية إدارة شؤون التكايا والزوايا مع شيوخها. و لكن مع إغلاق الزوايا والتكايا عام 1925، تم إلغاء مهام الرئاسة المتعلقة بإدارة شئونها.
لم يتضمن القانون رقم 429 أي شيء بخصوص كوادر موظفي الرئاسة وفروعها، ولم يتم فيه أيضاً بيان درجات الوظائف الرسمية لهم، ولكن تضمنت قوانين الميزانية 1924-1926 الوظائف التالية في مركز الرئاسة دون بيان الدرجات الوظيفية وأعدادها وهي: الرئيس وهيئة المشاورة وموظفو مركز الرئاسة والمستخدمون المختلفون. وبالنسبة لفروع الرئاسة: المفتون وكتاب المفتين والشيوخ والوعاظ ومحاضروا الدروس العامة ومستخدمو الإفتاء؛ كموظفين رسميين لهم راتب.
في قانون الميزانية عام 1927 تم تخصيص 7172 موظف لرئاسة الشؤون الدينية؛ 71 منهم في المركز. كما أنه ولأول مرة تم بيان البنية الإدارية لمركز رئاسة الشؤون الدينية وفروعها. وتبعاً لذلك؛ أصبحت في مركز الرئاسة هيئة المشاورة ورئاسة هيئة تدقيق المصاحف ومديرية المؤسسات الدينية ومديرية الموظفين والسجلات ومديرية اللوازم ومديرية التحرير والأوراق. وفي فروعها تشكلت دور الفتوى في المحافظات والأقضية.
ومع قانون الميزانية عام 1931 تم نقل إدارة كافة المساجد والجوامع مع موظفيهم إلى مديرية الأوقاف العمومية. ومن ثم تم نقل موظفي مديرية المؤسسات الدينية ومديرية اللوازم و4081 من خدمة الأعمال الخيرية، و26 واعظا وخطيب جمعة بوظائفهم إلى مديرية الأوقاف العمومية. بهذا القانون أصبحت الرئاسة، التي كانت لها البنية التحتية ضعيفة وغير كافية، عاطلة عن العمل إلى حد ما وهذا التطبيق الخاطئ السالف ذكره استمر حتى عام 1950.
إن القانون رقم 2800 الذي دخل حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 1935.06.22 وهو”القانون الخاص ببنية رئاسة الشؤون الدينية ووظائفها“ يعتبر أول قانون لبنية رئاستنا. ووفقاً له تم تحديد بنية الرئاسة ووضع كوادرها وأوصاف موظفي مركز الرئاسة وفروعها وأصول تعيينهم. كما نص هذا القانون على ضرورة تعيين مفتي في كل محافظة و قضاء وتم بيان أصول تعيين المفتين.
[button color=”blue” size=”big” link=”http://www.zamanarabic.com/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D9%80437-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%A7%D9%84/” target=”blank” ]تركيا: سيارة بـ437 ألف دولار لرئيس هيئة الشئون الدينية[/button]
وفي القانون رقم 5634 الذي دخل حيز التنفيذ في تاريخ 1950.04.29 تم تغيير اسمها العربي “رئاسة” إلى معنى الرئاسة باللغة التركية وتمت إعادة مهام إدارة المساجد والجوامع وموظفيها (خدَمة الخيرات) مرة أخرى إلى رئاسة الشؤون الدينية.
في دستور عام 1961 تم اعتبار رئاسة الشؤون الدينية كمؤسسة دستورية وأعطي للرئاسة كرسي في الإدارة العامة ونص القانون على قيام هذه المؤسسة بأداء مهامها وفقاً لقانونها الخاص. وقد بين دستور 1982 المعايير التي لابد لرئاسة الشؤون الدينية التقيد بها أثناء أداء مهامها بالحكم التالي ” يتعين على رئاسة الشؤون الدينية التي لها وجودها ضمن الإدارة العامة القيام في إطار مبدأ العلمانية بأداء مهامها وفقاً لقانونها الخاص لتعمل على حفظ التضامن الوطني والتكامل بعيداً عن كافة الآراء والأفكار السياسية“ وبذلك أسند للرئاسة مهمة تاريخية.
لم يتغير الهيكل التنظيمي والتوظيفي لرئاسة الشؤون الدينية المتشكل وفقاً للقانون رقم 5634 حتى عام 1965. وفي القانون رقم 633 الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 1965.08.15 سجل (القانون الخاص بتأسيس ومهام رئاسة الشؤون الدينية) نقلة نوعية هامة في مجال مهام الرئاسة، حيث أوكلت للرئاسة مهمة إدارة شئون الأخلاق الإسلامية وبين أن من ضمن مهام الرئاسة في القانون (تسيير الأعمال المتعلقة بأصول العقائد والعبادات والأسس الأخلاقية لدين الإسلام، وتوعية الشعب في مجال الأمور الدينية وإدارة دور العبادة). ومن خلال هذا القانون تم جمع اللائحة الداخلية للرئاسة في نص واحد. ومن ثم بناء على الحاجة تمت في السنوات التالية إضافة وحدات جديدة للهيكل التنظيمي للرئاسة مثل مديرية مراكز التعليم ومديرية شئون الحج وذلك بموجب قرارات مجلس الوزراء.
من خلال القانون رقم 1982 الصادر بتاريخ 26 مارس 1976 تم إجراء بعض التعديلات الهامة على القانون رقم 633 ولكن تم إلغاء هذا القانون من الناحية الإجرائية وذلك بموجب قرار المحكمة الدستورية رقم E.79/25-K:79/46 وتاريخ 1979.12.18 ولكن لم يتم استدارك الفراغ الحقوقي المترتب على ذلك إلا بعد 31 عاماً بالقانون رقم 6002 بتاريخ 2010.07.01.
وبقرار مجلس الوزراء رقم 7/14656 وتاريخ 1078.02.24 تم تحويل بعض الوحدات إلى رئاسات دائرة وارتفع عدد المراكز التعليمية إلى 5 ولأول مرة تم تخصيص كادر يضم 10 موظفين لمستشاريات الخدمات الدينية في الخارج وهكذا تم تنظيم الرئاسة في الخارج.
تم نشر الكوادر المخصصة لرئاستنا في القوائم المرفقة لأحكام قانون رقم 190 المنشور في الطبعة المكررة بالجريدة الرسمية بتاريخ 1983.12.14 وهكذا تمت إعادة تنظيم هيكلة الرئاسة من جديد وبشكل يتوافق مع القانون رقم 3046 ” قانون تأسيس الوزارات ومهامها”. وفي هذا الإطار تم تشكيل الهيكل التنظيمي للرئاسة كالآتي: رئيس وخمسة نواب للرئيس وخمسة مستشارين ووحدة مراقبة وخمس وحدات للخدمة الرئيسية وأربع وحدات للخدمات الفرعية. أما بالنسبة لفروع الرئاسة فتوجد دور فتوى في 67 محافظة و582 دار فتوى في الأقضية و7 مديريات للمراكز التعليمية وبالنسبة لفروع الرئاسة في الخارج فهي تتألف من 16 مستشارية للخدمات الدينية و17 ملحقية للخدمات الدينية.
لقد تم تشكيل الهيكل التنظيمي الحالي للرئاسة وفقاً للقانون رقم 6002 وتاريخ 01.07.2010 الذي تم بموجبه إجراء تعديلات واسعة النطاق في قانون رقم 633 وقد حقق هذا القانون مكاسب هامة جداً للرئاسة حيث تم رفع مستواها التدرجي الهرمي من المديرية العامة إلى مستوى مستشارية، كما تم تشكيل أربع عشرة وحدة خدمية؛ تسع منها بمستوى مديريات عامة إلى جانب اللجنتين الدائمتين. وتم بموجبه تحديد مدة خدمة الرئيس بـ 5 سنوات، وقابلة للتجديد لمرة ثانية كأقصى حد وتخفيض عدد نواب الرئيس إلى ثلاثة وتم أيضاً توسيع نطاق الهيئة التي تقوم باختيار أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الدينية لتضم ممثلين من كل فروع الرئاسة، إلى جانب تأسيس البنية التحتية القانونية لتقديم خدمات دينية فعالة على المستوى الدولي عن طريق العديد من الوظائف الموكلة للمجلس الأعلى للشؤون الدينية والوحدات الأخرى.
وهكذا فقد تم شق الطريق أمام الخدمات الدينية التي تعتبر ضرورة في عصرنا المعاصر خارج المساجد وتأمين البنية التحتية اللازمة لتدريب وتعليم موظفي الرئاسة في إطار الخدمة الداخلية للرئاسة. كما أوكلت مهمة تأسيس الإذاعة والتلفزيون للرئاسة وكلِّفت بالاستفادة من كافة الإمكانات المتاحة لها في مجال توعية المجتمع بالأمور الدينية. وكمطلب للإدارة الحديثة المعاصرة فقد تم تبني نظام إدارة الموارد البشرية والعمل على تأهيل وتطوير الموظفين وفقاً لنظام الخبرة الوظيفية. ومن خلال استحداث كوادر جديدة تحتاج إليها الرئاسة تم تحسين حقوق الموظفين التي كانت مهدورة منذ سنوات طويلة ولو أنها لم تصل إلى المستوى المطلوب. وباختصار، فقد تم من خلال القانون السالف الذكر شق الطريق أمام الخدمات الدينية والتخلص من بعض النقاط التي يمكن النظر إليها كعوائق، كما تم تأمين بيئة عمل مناسبة لموظفي الرئاسة لأداء خدمتهم.
[button color=”blue” size=”big” link=”http://www.zamanarabic.com/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%A8%D8%B9%D8%AB-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%B4%D9%83%D8%B1-%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D8%A3/” target=”blank” ]بابا الفاتيكان يبعث رسائل شكر لثلاثة أسماء في تركيا[/button]