طورخان بوزكورت
إن وكيل رئيس مؤسسة رقابة البنوك في تركيا مطّلب أونال لم يرم نفسه فقط بل رمى 4 من أعضاء اللجنة الإدارية في النار بقراره الفاضح حول تغيير مجلس إدارة بنك آسيا.
وقد اتفق الأكاديميون الحقوقيون، والاقتصاديون، والرؤساء السابقون لمؤسسة رقابة البنوك وهيئة سوق رأس المال، والصحفيون والسياسيون على أن المؤسسة التي يُفترض أن تكون مستقلة قد اخترقت الدستور والتشريعات المعمول بها علنا. وما جرى في مساء 3 فبراير/شباط هو انقلاب مالي حيث تم اقتحام بنك آسيا من قبل المسؤولين في صندوق تأمين ودائع المدخرات الذين طبقوا التعليمات غير القانونية، وكانت كل دقيقة قضوها في المديرية العامة لبنك آسيا جريمة في ملف صندوق التأمين ولذلك يجب أن يحاسب.
إن مؤسسة رقابة البنوك وصندوق تأمين ودائع المدخرات أعلنتا للعالم كله أنهما عاجزتان عن معرفة عدم امكانية تغيير المجلس الإداري للبنوك استنادا إلى الفقرة 5 من المادة 18 من القانون المصرفي ذي الرقم 5411. وقد نشرنا في العنوان الرئيس قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية حول ما وقع لـ” كينت بنك” في السابق على أمل أن يكون ذلك سببا في تراجع هاتين المؤسستين عن الخطأ.
وهذا القرار الذي أشار إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها تركيا أيضا يخبر عن التعويضات التي سيدفعها مسؤولو مؤسسة رقابة البنوك وصندوق تأمين ودائع المدخرات الذين سطوا على بنك آسيا. وقد حكم القرار بأن تركيا اخترقت المادة 1 من البروتوكول 1 المرفق الصادر عن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية لتنظيم حقوق الملكية موضحا أن المسؤولين في الدولة عقدوا اجتماعات سرية وعملوا على تشويه صورة أصحاب “كينت بنك”. مع أن الضغوط السياسية والحملة الإعلامية التي يشنها الإعلام الموالي للحكومة على بنك آسيا قبل السطو عليه كانت أشد بكثير مما تعرض له “كينت بنك”KENTBANK.
ومنذ 14 شهرا يستهدفون بنك آسيا من خلال الافتراءات ليشوهوا سمعته إعلاميا. وكلتا الحادثتين تشيران إلى تعطيل القوانين وتحويل السلطة العامة إلى منظومة قائمة على تصرفات فردية ومناهضة للحريات.
ورفع أصحاب “كينت بنك” دعوى ضد الحكومة التركية مطالبين بـتعويضات تصل قيمتها إلى 4.1 مليار دولار. علما بأن الحكومة التركية ستدفع تعويضات أكبر لبنك آسيا. فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن بنك آسيا أكبر من “كينت بنك” بـ15-20 ضعفا يمكن لنا أن نخمن بأن التعويضات التي ستدفعها الحكومة لبنك آسيا قد تتجاوز 50 مليار دولار. وسيضطر أحفاد أحفاد الذين وقعوا على القرار الفاضح إلى دفع التعويضات لشركاء بنك آسيا.
وبقرار الاستيلاء على بنك آسيا تم انتهاك المادة 35 والمادة 48 التي تتضمن حرية التعاقد (الاستثمار) من ضمانات حقوق الملكية في الدستور. يمكن لأصحاب السلطة اليوم أن يلحقوا جهاز القضاء بالجهاز التنفيذي. لكن ينبغي عليهم أن لا ينسوا أن هذه الانتهاكات لايتقبلها أو يسكت عليها أحد خارج الحدود التركية.
يبدو أن مؤسسة رقابة البنوك وصندوق تأمين ودائع المدخرات يعملان وفق التعليمات، وما يعدُّ من تصرفاتهما فضيحة قانونية ليست محدودة بالمادتين 6 و 123/1 من الدستور. بل هناك انتهاك تلو الانتهاك. فبنك آسيا شركة مساهمة غير محدودة. وحسب المادة 408 من القانون التجاري التركي فإن إدارة الشركة المساهمة غير المحدودة تُنتخب من قبل أعضاء الشركة في الجمعية العمومية، وذلك من الصلاحيات المنحصرة على الجمعية العمومية فقط. فقد سُلبت إدارة بنك آسيا من الجمعية العمومية. معنى ذلك أن الذين اتخذوا قرار تغيير مجلس الإدارة لبنك آسيا رموا المادة القانونية المتعلقة بذلك في سلة المهملات.
قد يكون من الممكن تلافي بعض الأخطاء المرتكبة منذ أسبوع من قبل أعضاء مؤسسة رقابة البنوك وصندوق تأمين ودائع المدخرات بحق الاقتصاد وأملاك كثير من الناس، إذا ما أخِذ بعين الاعتبار تنبيهات الأستاذ الدكتور تكين ميميش: “إنْ فكرنا في حكم الدستور وقانون الإدارة فإن سيطرة مؤسسة رقابة البنوك على إدارة بنك آسيا أمر مخالف للقانون وغير مشروع”.
إن أعضاء مجلس إدارة منتخبة من قبل الجمعية العمومية في شركة أو بنك ما لايمكن عزلهما إلا من قبل الجمعية العمومية للشركة أو البنك. وثمة حالات معينة فقط يمكن فيها القانون المصرفي من امتلاك الصلاحية في تغيير الإدارة أو تعديلها بشكل استثنائي. وهذا في إطار ضيق ككل حكم استثنائي. ونأمل أن يصلح المسؤولون هذا العمل غير القانوني وغير المشروع في أسرع وقت ممكن.