نوح جونول طاش
أردوغان والإعلام الذي يسيطر عليه والذي بات يعرف بإعلام “الحوض المالي” وكذلك الحكومة التي يوجهها يبذل كل منهم مجهودات مكثفة أكثر من أي وقت مضى بهدف إغراق بنك آسيا غير الربوي حتى يشهر إفلاسه إذ أنهم يرون هذا ضروريًا وأساسيًا ليفوزوا في صراعهم ضد الكيان الموازي. ومن ثمّ أصبح “الكيان الموازي” بالنسبة لهم بمثابة مفتاح يفتح كل الأبواب!
إنهم يرتكبون جريمة جديدة مع كل تصريح يدلون به للنيل من بنك آسيا ومع كل خطوة يتخذونها لتشويه سمعته؛ وهم مدركون أن ما يقولونه وما يفعلونه في هذا الموضوع جريمة!
وهم يحاولون في البداية بقدر الإمكان أن يبقو في حدود القانون لكنهم يسعون لتوسيع نطاقه وإن وجدوا فيه أية ثغرة يعملون لتوسيع تلك الثغرة بالتأويل والتفسير كما يحلو لهم، حتى يفعلوا ما يفعلونه استنادا عليه. وإذا ما فشلوا في الحصول على غرضهم بهذه الطريقة ولم يجدوا سبيلا قانونيا ينفذون به مشروعهم عن طريق نشره على وقت طويل وفي النهاية يضربون بالقوانين عرض الحائط ولا يعترفون بها.
وإن اعترض عليهم أحد ونبههم إلى “أن ما يقومون به مخالف للقانون”؛ لا يأبهون به ويقولون “إن الناس يتحدثون فيما نفعله ثلاثة أو خمسة أيام على أكثر تقدير ثم ينسون كل شيئ ويصبح هذا أيضا في خبر كان”.
إنهم يبنون مشاريعهم على أن ذاكرة الشعب ضعيفة وأنه ينسى كل شيئ بسهولة وفي وقت قصير!
وعلى سبيل المثال شنّوا حملات تشوية شنيعة ضد بنك آسيا إلى أن قاموا بعزل مجلس إدارته وتعيين أسماء مقربة منهم، والجميع على دراية بكل ما يحدث. والقوانين الحالية يعلمها الجميع؛ إذ إن قيامهم بمصادرة البنك يعتبر إجراء غير قانوني.
في هذه الحالة لاأستطيع أن أمنع نفسي عن التفكير كالآتي: كيف لأناس يوقنون أنهم سيُسألون ويحاسبون عما ارتكبوا من الجرائم في يوم من الأيام، مهما كانت مناصبهم أو صفاتهم، أن يتمادوا إلى هذه الدرجة في أمور غير قانونية؟
لايمكن أن يتمادوا في ذلك بأي حال!
ولكنهم يتمادون…
إن كانوا يتمادون رغم علمهم بما سيحدث لهم فهذا يعني أنهم يستبعدون أنهم سيحاسبون في يوم من الأيام أو يرونه من المستحيل. لإنهم يحسبون أنهم سيبقون في السلطة إلى الأبد ولن يرحلوا عنها. ونحن نرى علامات ودلالات على ذلك. لنضرب مثلا: إن شخصا (أردوغان) يشيّد قصرا مبهرجا وفخما وباهر الجمال لهذه الدرجة يعني أنه لايفكر ولا يتخيل أبدا أنه سيرحل عن هذا القصر في يوم من الأيام.
ألن يرحل حتى ولو خسر في الانتخابات؟
نعم بالطبع…
هل هذا معقول؟ لا يمكن!
لماذا لايمكن؟ ألا يمكن لمن يفعل كل ما يخالف القوانين طوال فترة حكمه أن يفعل كل ما بوسعه حتى لا يخسر في الانتخابات ويبقى في السلطة؟
إن أسلوب صراعهم أسلوب غادر وخائن.. إنهم ليست لهم أية قيمة أو قوة بمفردهم ولكنهم يستغلون إمكانات الدولة وسلطتها حتى آخر قطرة ليفعلوا ما يمكنهم فعله..
يا للحيرة من أمرهم! إن هذا الغدر يجعلني أقف حائرا ، لا أجد كلمة لأصف بها هذا المشهد الشنيع.. فيا للحيرة!
أكثر 15 جملة يرددها الرئيس التركي أردوغان ويذكرها الناس كثيرا…
1. دائما يتحدث أردوغان عن الأحزاب المعارضة ويلفظ اسم الحزب في سخرية قائلا يا “MHP” وهو حزب الحركة القومية، ويا “CHP” حزب الشعب الجمهوري، وهما أكبر حزبين معارضينفي تركيا. وكذلك عندما يريد الحديث عن الأستاذ فتح الله كولن يقول “يا ساكن بنسلفانيا”.
2. أنت اهتم بشأنك (شوف شغلك) ولا تتدخل فيما لايعنيك. (للاعتراض على من ينتقدونه).
3. أنت ادخر عقلك وفكرك لنفسك.
4. يبدو أن له أيضا شريطا مسجلا بفضيحة تخصه في يد من يخاف منهم أو يخدمهم (إذا دافع أحد عن شخص أو مجموعة معينة).
5. هذا من طبيعة أو فطرة هذا العمل(عندما حدثت كارثة في منجم سوما).
6. ليكن هذا في علم الجميع على هذا النحو.
7. كلكم كنتم هناك جميعا…
8. ليس في كتابنا تهميش الآخرين…
9. سندمر الفيسبوك وتويتر وسنسوي بهما الأرض. (في إشارة للمستخدمين الذين ينتقدون الحكومة وينشرون التسجيلات الصوتية التي أظهرت أعمال الفساد).
10. أنا سقطت من السقف. (في إشارة إلى أنه عاش تجارب سيئة).
11. إنهم لايفهمون شيئا في هذا الموضوع أو لا يجيدون هذا العمل..
12. من تكون أنتَ يا هذا؟
13. نحن نعلم هذا، وما كنا لنتعلمه منك..
14. إنهم سيصيبونني بالجنون ..
15. يقولون لي “إهدأ قليلا”، فكيف لي أن أهدأ؟
وماذا لو قال ” يبدو أن له أيضا شريطا مسجلا بفضيحة تخصه في يد من يخاف منهم أو يخدمهم “..
وتبين أن عبارة ” أنت اهتم بشأنك (شوف شغلك) ولاتتدخل فيما لايعنيك” من أكثر العبارات التي يستخدمها رئيس جمهوريتنا. لأنه إن لم يعجبه تصريح ما أو لم يرق له موقف أحدهم سرعان ما يبادر لإسكاته باستخدام هذه العبارة. ومؤخرا قال هذه العبارة لدورموش يلماز الرئيس السابق للبنك المركزي؛ وليحمد دورموش يلماز ربه إذ اكتفى أردوغان بهذه العبارة وحدها في جوابه له. ماذا لو قال له أيضا: ” يبدو أن له أيضا شريطا مسجلا بفضيحة تخصه في يد من يخاف منهم أو يخدمهم”.
وكان رد يلماز على أردوغان مثل أي شخص بطريقة ظريفة إذ قال: “هذا هو شأني وهذا هو شغلي.. وأنا أتكلم فيما يتعلق باختصاصي”. وهل هناك رد أحسن من هذا الذي قال يلماز؟ مع العلم بأن مخاطبه – أردوغان– يعلم كل شيئ ولا يرى أحد في مستوى يعطي له الحق للحديث مع سيادته، فضلا عن أنه ليس له أية مسؤولية فيما يقوله أو يفعله.
ولكن ربما كان من الأفضل لو رد عليه يلماز بكلمات من أغنية المطرب الشعبي المشهور الراحل “أحمد كايا” كالآتي؛
“لا تسمحوا للبومة بأن تحط على الوردة
ولا تدعوا الوردة تحزن تذبل
ولا تقولوا لحبيبتي أشياء سيئة
ولا تجعلوني أغضب وأصاب بالجنون..”