علي أونال
عندما فشل المستشرقون في إبعاد المسلمين عن دينهم عبر الحروب ولاحظوا أن ذلك لايؤدي إلا إلى تلاحم المسلمين وتعاضد صفوفهم حاولوا هذه المرة التظاهرَ بصورة الحق الذي هو عين النفاق لخداعهم وتضليلهم.
فقد عملوا على دسّ السمّ في الدسم من خلال مؤلفاتهم التي تذكر – مثلاً – 90 حقيقة من الحقائق الإسلامية ولكن يدرجون فيها 10 من المحرفات والأمور المزيفة بغية زعزعة إيمانِ ِ المسلمين واستسلامهم. وهذه المرحلة التي نعيشها نشهد فيها أن حزب العدالة والتنمية يحارب حركة الخدمة على خطوط الجبهة لكن ذلك لا يزيدها إلا قوة وثباتًا. وهناك ثلاث مقاربات خطيرة زعزعت القوة المعنوية لدى بعض أتباع حركة الخدمة أو من شأنها أن تزعزعها وتخفّف من حدة الظلم والجور في الأذهان والقلوب:
1- اتهام حركة الخدمة بالقول “ألم ترتكب حركة الخدمة أي خطأ” في الوقت الذي يضيّقون فيه الخِناق عليها لقتلها والقضاء عليها.
2- السعي لتسميم الأذهان عبر القول دون الاستناد إلى أي دليل “إن حركة الخدمة كانت هي الأخرى ارتكبت أخطاءً في قضيتي شبكتي أرجينكون وباليوز، وها هي الآن تجني ثمار ما زرعته.
3- التظاهر بصورة الحق. ونرى هذه المقاربة الثالثة لدى الكاتب الصحفي أحمد طاشجتيران وفق ما نقله عنه علي بولاج.
وخلاصة ما يقوله طاشجتيران: “إن مشكلة حركة الخدمة ليست نابعة من ذاتها. إذن أين تكمن المشكلة في الحركة؟ أنا أرى أنها لاتكمن في وجودها، ولا في الخدمات التي تقدمها. فلا أحد مستاء من الخدمة بسبب افتتاحها مدارس ومعاهد وإعطائها محاضرات ودروساً، ومحافظتها على إقامة الصلوات ومساعدتها الفقراء والمحتاجين عن طريق جمعية هل من مغيث (كيمسا يوكمو)… فما هو سبب المشكلة إذن؟ المشكلة تظهر عندما تعمل الخدمة على توجيه السياسة، وفرضِ سياسة معينة، ومبادرتِها إن لم يتمّ الالتزام بهذه السياسة إلى تحريك امتداداتها المتغلغلة في مؤسسات الدولة لتربية السياسة. فمن الطبيعي أن تتبنّى جماعة ما فكراً سياسياً ما. وقد يكون لها كُتاب صحفيون ينتقدون الحكومة وقد يكون لها أتباع في الدولة. فلا يمكن رفض أتباع جماعة ما أو مذهب ما. ولو فرضنا أن أحد المنتسبين لجماعة ما مديرٌ في إحدى المؤسسات، فيُفترض عادةً أن يكون مرتبطاً بمستشاره ووزيره لا أن يطبق تعاليم جماعته في جهاز الدولة”.
ومع أن علي بولاج يقول إن كل هذه التشخيصات والملاحظات صحيحة، إلا أنه يؤكّد في الوقت ذاته أنه لم يتمّ إبراز أي دليل يثبت صحة الاتهامات التي يذكرها طاشجتيران على الرغم من مرور أكثر من عام واحد. إذن فهذه التهمة غير صحيحة عملياً، أي إنه ليس هناك أي موظّف منسوب لحركة الخدمة تصرف في عمله الوظيفي حسب تعاليم حركة الخدمة. وهذا يعني أن كل ما تتهم به حركة الخدمة هو محض افتراء وظلم. وكذلك هذه الادعاءات لاتصحّ ولاتنطبق عملياً على ما نعيشه فعلاً. لأنه وكما نوه علي بولاج أصبحت حركة الخدمة مستهدَفةً بجميع مؤسساتها بما فيها مؤسساتها خارج الوطن، سعياً للقضاء عليها تماماً بصورة غير قانونية.
ثانياً: إن ادعاءات طاشجتيران خطأ من الناحية النظرية ومن حيث المضمون أيضًا. لأن السلطة السياسية تتسلّم زمام الحكم في البلاد باختيار وإرادة الشعب. ولكن القانون هو الذي يوجهها بعد وصولها للسلطة. وحتى الآن لم يظهر دليل واحد يدين رجال القضاء والشرطة المنسوبين لحركة الخدمة حيث تم التحقيق معهم وسجنهم وإقصاؤهم وعزلهم من وظائفهم دون إثبات انتهاكهم للقانون أبداً.
وإذا أردنا الحديث عن الصلح نقول: نعم، إن الصلح خير. ولكن إن كانت هناك قضية تنتظر الحل فكيف وأين سيتحقق الصلح الذي هو الخير؟ إن تنازل الأفراد عن حقوقهم الشخصية فضيلة، ولكن إذا كانت القضية قضية الشعب أو الدولة، أو قضية حقوقية، تهم الملايين من الناس فلايمكن لأحد أن يتنازل، لأن التنازل في هذه الحالة خيانة. والقرآن في غاية الصراحة إزاء هذه المسألة حيث قال تعالى: ” وإنْ طَائِفَتانِ مِنَ المؤمِنِينَ اقْتَتَلوا فأصلِحُوا بَيْنَهُما، فإنْ بَغَتْ إحْداهُما عَلى الأخْرى فَقاتِلوا التي تَبْغِي حَتّى تَفيءَ إلى أَمْرِ الله، فإنْ فاءتْ فأصلحوا بَيْنَهما بالعَدْلِ، وأقْسِطُوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ” ( الحجرات 9).
نعم الصلح خير، لكن الصلح ينبني على أساس العدل، العدل بحذافيره، وحينها يكون خيراً.