لاله كمال
كنتُ قد كتبتُ قبل عدة أشهر مقالا ذكرت فيه أن تركيا تريد إرضاء لوبي السلاح ولكن يجب عدم إنتاج طائرات حربية محلية لاتحقق أية قيمة مضافة إلى اقتصاد البلاد.
وأكدت في هذا المقال وجوب إنتاج التقنيات العسكرية التي تدعم الاقتصاد وتحقق إمكانية التصدير واستخدام موارد القوة البشرية بشكل أفضل بدلا عن هذا المشروع الذي يعني الإسراف.
وورد كثير من الانتقادات من قبل بعض المواطنين “غير الحساسين” الذين قالوا: “أنى لكِ أن تكتبي مثل هذا المقال” وكأن المشاريع الكبرى من هذا القبيل لا تموَّل بضرائبها. ويبدو أن لوبي السلاح كان يطمع في الاستفادة من إنتاج طائرات مقاتلة محلية على الرغم من أنها على الأغلب كانت ستصدأ في الحظائر. وهذا هو السبب الذي يكمن وراء انزعاجهم من المقال لهذه الدرجة بعبارات اتسمت بالسبّ والشتم.
يجب على البرلمان أن يتغاضى عن هذه العقلية ويناقش التكاليف الباهظة لشراء الأسلحة دون النظر إلى مدى خدمتها في مجالي الأمن والاقتصاد.
وفي الآونة الأخيرة ازدادت عمليات شراء الأسلحة لتكون هناك عمليات مصالح وترضية متبادلة خلف الكواليس. ويمكن مشاهدة هذه العقلية على أرض الواقع.
ففي الأسبوع الأول من هذا الشهر اتخذت مستشارية الصناعات الدفاعية (وهي الجهة الوحيدة المخولة بشراء الأسلحة لكن غير خاضعة للرقابة) قرارات تستدعي النقاش بعد الاجتماع الذي عُقد برئاسة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.
ومن القرارات التي تحتاج إلى النقاش هي العمل على صناعة أول طائرة حربية محلية الصنع حيث سيتم إصدار أول نموذج لها سنة 2023. وكان أردوغان قد طلب صناعة طائرة حربية محلية حين كان رئيسا للوزراء. ونحن نعلم أن مستشار الصناعات الدفاعية الذي درس هندسة الطيران وتلقى تدريبات في معامل أسلحة أمريكية رأى أن إمكانية تصدير هذه الطائرات المحلية كالمعجزة وأنه عارض هذا المشروع لخلوّه من أرباح اقتصادية وكونه إسرافاً فقط. فالشركات المنتجة للطائرات في العالم شركات معدودة حتى أن الجمعية الأوروبية المكونة من عدد من الدول تجد صعوبة بالغة في بيع طائرات “يوروفايتر”. علما بأن هذه الشركات متفوقة تكنولوجيا في صناعة الأسلحة. وليت تركيا كانت قد وصلت إلى مستوى تصدير التكنولوجيا العسكرية منذ وقت طويل لتصبح دولة منتجة لا مستوردة في المجالين العسكري والمدني، ولكن المصاريف الباهظة غير المدروسة أضعفت البنية التحتية للصناعات الدفاعية منذ عشرات السنين.
كما أن اللجنة التنفيذية قررت شراء 6 حاملات طائرات من طراز (Chinook) بعدما استقدمت 5 طائرات بوينج من أمريكا. ويتوقع أن تكلفة 11 حاملة طائرات مليار دولار ستُدفع بطريقة الاقتراض الخارجي للجيش الأمريكي وبالتالي ستزداد الديون التي اقترضتها تركيا من أمريكا.
نأتي الآن على ذكر مباحثات تركيا مع الصين لشراء صواريخ بعيدة المدى الأمر الذي تسبب بغضب حلفاء الناتو لأن الصين خصم بالنسبة لهم. وبسبب تشويش أفكار حكومة أنقرة فقد تم تمديد المباحثات حول مشروع الصواريخ. فهي تتباحث مع الصين في الوقت الذي تتباحث فيه مع الجمعية الأوروبية والشركات الأمريكية. يجب ألا تُغضب الحلفاء كثيرا. وإذا نظرنا إلى تزايد احتمال إعلان اللوبي الأرميني والكونجرس الأمريكي هذا العام أن تهجير الأرمن كان مذبحة بحقهم قد تكون أنقرة تحاول استخدام مشروع الصورايخ بقيمة 4 مليارات دولار تقريبا كورقة ضغط على واشنطن.
وأخيرا فإن قرار 7 يناير حول شراء الأسلحة يُرضي أردوغان والجيش ولكنه لا يرضي المواطن لأنه سيؤثر سلباً في وضعه المادي. ومن جانب آخر عمليات شراء الأسلحة ستؤثر سلبا في الاقتصاد لأنه يؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار أمام الليرة التركية.