لاله كمال
كشف خلوق كوتش نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، النقاب عن قائمة جديدة تضم أقارب الوزراء ومسؤولي حزب العدالة والتنمية الحاكم ممن عُينوا في وظائف حكومية دون الخضوع للاختبارات اللازمة والتي أطلق عليها قائمة “الواسطة VIP”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن قوائم التعيينات بـ”المحسوبية” التي تعني أن بيروقراطية الدولة تحوّلت إلى “قصعة شعير” يأكل منها مَن يشاء وقتما أراد وصارت خارج السيطرة والإدارة، والتي أعلن عنها كوتش قبل يومين، أضحت تزداد وخامتها يومًا بعد يوم.[/box][/one_third]وتعتبر القائمة الأخيرة التي أعلنها كوتش أمام الرأي العام هي القائمة الثالثة من هذا النوع من القوائم الـ”VIP”.
إن قوائم التعيينات بـ”المحسوبية” التي تعني أن بيروقراطية الدولة تحوّلت إلى “قصعة شعير” يأكل منها مَن يشاء وقتما أراد وصارت خارج السيطرة والإدارة، والتي أعلن عنها كوتش قبل يومين، أضحت تزداد وخامتها يومًا بعد يوم.
لاشك في أن من يقدمون على تنفيذ هذه الإجراءات غير الديمقراطية يعرفون جيدًا ما معنى أن يجري ملء الوظائف الحكومية بكوادر الأقارب والأصدقاء من المفتقدين للكفاءة والأهلية. لكن علينا أن نحاسبهم بقولنا “هل هذه الدولة ملك خاص بكم؟ فكيف لكم أن تعينوا عددًا من أقاربكم عديمي الكفاءة في وظائف حكومية يستحقها شباب مهرة أصحاب أهلية؟ وكيف لكم أن تخذلوا هؤلاء الشباب المستحقين لتلك الوظائف؟”
إن نظام “محاباة الأقارب” الذي حوّل بيروقراطية الدولة إلى “قصعة شعير” يعني إسناد الوظائف الحكومية إلى الأصدقاء والأقارب دون النظر إلى كفاءتهم أو لياقتهم لهذه الوظائف. وهذا يعني أيضًا شبكة العلاقات الاجتماعية التي يحدد من خلالها الارتباط بالمسؤولين والسياسيين رفيعي المستوى عمليات صنع القرار. ويعني هذا المصطلح في علم السياسة ألا يقوم السياسيون بتنفيذ سياسات طويلة المدى وأن ينظروا إلى من منحوهم أصواتهم في الانتخابات على أنهم “زبائن”، ومن ثم يبدأون بمعاملتهم على هذا الأساس وينفذون سياسات أو يقدمون خدمات تصب في مصلحة الشخص أو الفئة التي حصدوا (اشتروا) أصواتها.
وتنتشر المحسوبية بشكل أكبر في دول العالم الثالث إذ نجدها تنتشر بكثرة في تركيا، وذلك من خلال النماذج التي نشاهدها كل يوم.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]تعتبر المحسوبية من أفضل طرق حماية الزعماء السياسيين والمسؤولين لسلطاتهم. ذلك أنهم سيحيطون أنفسهم بأشخاص موالين لهم. لكن تأثيرات هذه المحسوبية على المجتمع ككل خطيرة للغاية، لأنها تضاعِف الاضطرابات السياسية والاقتصادية وتهدم السلام المجتمعي.[/box][/one_third]وإذا لم نذكّركم بأن هناك سياسة تعيين من خلال “المحسوبية” في العديد من الشركات العاملة في المجال العسكري نكون قد خُنّا معارضتنا للسياسات المعادية للديمقراطية التي تسيطر على ممارسات النظام الحاكم.
علينا أن نبيّن أن سياسات التوظيف غير المستندة إلى الكفاءة في تركيا تخطت كل الحدود في عهد حزب العدالة والتنمية. وكذلك فإن سياسات التوظيف في القطاع الإعلامي في مقابل تقديم “البيعة” غير المشروطة، وسط أبعاد لم يشهدها تاريخ تركيا من قبل، تصعّب من عمليات الكفاح ضد الضغوط التي تمارسها الدولة ضد الصحافة الحرة.
إن “الواسطة” و”المحسوبية” هما نوع من أنواع التفكير السياسي المعادي للديمقراطية. لاتلقوا بالًا لمن يخفي هذا النظام الفكري ويسعى للتستّر على الفساد،، الذي هو في الأساس جريمة نكراء تتسبب في انتشار الفقر، وذلك من خلال تكرار عبارة “الكيان الموازي”.
تظهر الجوانب السلبية للمحسوبية عندما تتشكل الظروف في بادئ الأمر. وعلى سبيل المثال، فإن طرْد أحد الموظفين ظلمًا وجورًا يفضي إلى فقدان الذاكرة التنظيمية ويتسبب مَن يعينون بالواسطة مِن عديمي الكفاءة مكان هؤلاء الموظفين المطرودين في الإضرار بشكل كبير بقدرة الحكومة على إدارة شؤون البلاد. وفي الوقت الذي تجرّئ فيه الالتماسات في القرارات الخاصة بتعيين الموظفين – أي المحسوبية – عمليات التملّق فإنها تكسر شجاعة أولئك الذين لايستطيعون أن يعبروا عما يجول بخاطرهم بسبب خوفهم من التأثير السلبي لذلك على مستقبلهم الوظيفي أو أولئك الذين لايقدرون على استغلال مهاراتهم وخبراتهم.
تعتبر المحسوبية من أفضل طرق حماية الزعماء السياسيين والمسؤولين لسلطاتهم. ذلك أنهم سيحيطون أنفسهم بأشخاص موالين لهم. لكن تأثيرات هذه المحسوبية على المجتمع ككل خطيرة للغاية، لأنها تضاعِف الاضطرابات السياسية والاقتصادية وتهدم السلام المجتمعي.
وللأسباب التي ذكرتها، يجب أن يكون المجتمع واعٍ وحذر جدًا تجاه الواسطة والمحسوبية ومحاباة الأقارب وأن يعبر عن رد فعله إزاء هذه الآفات الخطيرة.